فاطمة الزهراء السيد – Fatma Elzahraa Elsayed *
ملخص:
يناقش الكتاب التحول التاريخي الذي أحدثته شبكات التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام الرقمية، في اتجاه وتأثير السرديات المهيمنة التي طالما سيطرت على المعالجات الإعلامية المرتبطة بقضية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وتدعم في مجملها الاحتلال الإسرائيلي، لصالح السرديات التي تساند القضية الفلسطينية. وتبيِّن أطروحات الكتاب أن هذه الوسائل أسهمت بدور كبير في زعزعة الثقة بالسرديات المهيمنة؛ إذ لم تعد مقبولة إطارًا دلاليًّا لتفسير الأحداث والوقائع التي تجري في المشهد الفلسطيني. ويفسح الكتاب المجال لمساهمات بحثية مستقبلية يمكنها الإجابة على تساؤلات حول قضايا جديرة بالبحث والدراسة، مثل: الحتمية التكنولوجية، والانحياز الإخباري، والهيمنة المضادة، والتوظيف السياسي للمنصات، والاستعمار الرقمي. يشتمل هذا المؤَلَّف الجماعي على دراسات معمقة تُعد حصيلة جهد علمي تحتاج إليه المكتبة الإنسانية، العربية والدولية، نظرًا لما يضيفه من معارف ومعلومات، انطلقت من الحالة الخاصة بالتغطية الإخبارية لأحداث “الشيخ جراح”، في مايو/أيار 2021، إلى الحالة العامة لسياق عمل وسائل الإعلام الدولية في معالجتها لقضية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
كلمات مفتاحية: الحرب على غزة، الشيخ جراح، الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، سرديات مهيمنة، شبكات التواصل الاجتماعي.
Abstract:
The book delves into the historical transformation instigated by social media networks and digital media, focusing on the direction and impact of prevailing narratives that have long dominated media discourse concerning the Israeli-Palestinian conflict. These narratives have predominantly favoured the Israeli occupation, but the book highlights a shift towards narratives supporting the Palestinian cause. It underscores how digital platforms have significantly contributed to undermining trust in the dominant narratives, which are no longer deemed acceptable as a semantic framework for interpreting events in the Palestinian context. Furthermore, the book invites future research contributions to address pertinent issues such as technological determinism, media bias, counter-hegemony, the political exploitation of platforms and digital colonialism. This collaborative effort comprises in-depth studies that represent a culmination of scholarly endeavours necessary for global, Arabic and international libraries. It starts from the specific case of media coverage of the Sheikh Jarrah events in May 2021 and extends to the broader context of how international media outlets handle the Israeli-Palestinian conflict.
Keywords: The War on Gaza, Sheikh Jarrah, Israeli-Palestinian Conflict, Hegemonic Narratives, Social Media Platforms.
عنوان الكتاب
التغطية الإعلامية الدولية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي: التقارير الإخبارية حول إخلاء حي الشيخ جراح نموذجًا
Global Media Coverage of the Palestinian-Israeli Conflict: Reporting the Sheikh Jarrah Evictions
تأليف: مجموعة من الباحثين
تحرير: نور الدين الميلادي
دار النشر: آي. بي. توريس (I.B. Tauris)
تاريخ النشر: 2023
اللغة: الإنجليزية
الطبعة: الأولى
عدد الصفحات: 277
مقدمة
يتناول كتاب “التغطية الإعلامية الدولية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي” الإستراتيجيات التي تعتمدها بعض وسائل الإعلام الدولية في ترسيخ سرديات محددة ورموز وصياغات لغوية وصورية لتعريف القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وهو ما أدى خلال عقود طويلة إلى تشكيل رأي عام دولي متواطئ فكريًّا ومتضامن شعوريًّا مع الاحتلال الإسرائيلي على الرغم مما يرتكبه من جرائم وانتهاكات بشكل يومي ضد الشعب الفلسطيني. وتؤكد معظم دراسات الكتاب أن ظهور شبكات التواصل الاجتماعي، وتقنيات الإعلام الرقمي الجديدة، أسهم بدور كبير في زعزعة الثقة بهذه السرديات؛ إذ لم تعد مقبولة إطارًا دلاليًّا لتفسير الأحداث والوقائع في المشهد الفلسطيني. ويرى دارسو الإعلام أن التغيير الذي يحدث اليوم في اتجاهات الرأي العام الدولي حول القضية الفلسطينية يُعد تحولًا تاريخيًّا يستدعي التمهل في تحليله، والتعمق في ملاحظته وبحثه، للكشف عن الوظائف والممارسات التحريرية التي أدت إلى تكريس صور ومفاهيم مغلوطة، بل ومُضَلِّلَة عن حقيقة الصراع. وتشير أطروحات الكتاب إلى ما يمكن أن تحمله التغييرات التكنولوجية المتلاحقة والمتزامنة مع وجود أجيال جديدة من فرص وإمكانات تتحدى وتتخطى قدرة منتجي الخطابات المهيمنة على السيطرة والتحكم في اتجاهات الرأي العام بالقوة ذاتها.
وفي ضوء هذه الأطروحات، اشتمل الكتاب على مقدمة وثلاثة أجزاء تتعالق فصولها الخمسة عشر في الإطار العام للموضوع، لكنها مستقلة في إستراتيجيتها المنهجية وأدواتها التحليلية. وكان الجزء الأول بعنوان “الإعلام وسيطًا في الصراع: منظورات عابرة للدول”، ويتضمن ست دراسات. ويتكون الجزء الثاني من خمس دراسات، وهو بعنوان “الإعلام الرقمي والسرديات الإعلامية المتنافسة”. أما الجزء الثالث فهو بعنوان: “إدارة شبكات التواصل الاجتماعي والتحكم في الرأي العام”، ويتضمن أربع دراسات. ويغلب على معظم الدراسات النموذج الكيفي في التحليل والأدوات بواقع اثنتي عشرة دراسة، ثم النموذجان: المزجي في دراستين، والكمي في دراسة واحدة. ويشارك في الكتاب خمسة وعشرون باحثًا، تتنوع مؤهلاتهم الأكاديمية وخبراتهم العملية ومجالاتهم التخصصية وخلفياتهم الثقافية وتتكامل معًا في ذات الوقت، وهو ما يضيف ثراء معرفيًّا للقضايا التي يعالجها الكتاب. ولهذا التنوع أثره الكبير في زوايا الاهتمام المتعددة لفصول الدراسة؛ إذ تباين التركيز بين الأبعاد الداخلية والأبعاد الخارجية للقضية، فضلًا عن اهتمام بعض البحوث بالتحليل الكيفي للمتغيرات، مثل البحوث التي وردت في الفصل التاسع، والثالث عشر، والخامس عشر، واهتمام بعضها الآخر بالتصميم المزجي الكمي/الكيفي كما في الفصلين، الثاني والرابع، واعتماد إحداها على التحليل الكمي فقط (الفصل العاشر).
ويثير الكتاب اهتمام قطاعات مختلفة من جمهور القرَّاء، خاصة دارسي الإعلام وباحثيه من كافة التخصصات، مثل الصحافة، والإذاعة، والتليفزيون، والتسويق الاجتماعي، والدعاية، والإعلام الرقمي، والإعلام الدولي، والإثنوغرافيا الرقمية، والمنصات الاجتماعية. كما أن الكتاب ملهم للعاملين في الحقل الإعلامي، لاسيما المهتمون بعمل مراكز الأبحاث والمراصد الإعلامية. وتثير موضوعات الكتاب كذلك اهتمامات الدبلوماسيين والسياسيين، لاسيما فيما يتعلق بإستراتيجيات بناء وتفكيك الصورة الذهنية للدول والحركات والشخصيات وتأثير ذلك في الرأي العام وصنَّاع القرار. وبشكل عام، يُعد الكتاب مرجعًا مهمًّا لكل مختص بإقرار السياسات الإعلامية، أو متأثر بها فيما يخص آليات عملها، وأساليب تغييرها، والنتائج المترتبة على ذلك. وقد اهتم الباحثون بإبراز هذه الفوائد في مناقشاتهم وخلاصاتهم التي وردت في نهايات الفصول.
ويأتي إصدار هذا الكتاب في خضم مرحلة حرجة من تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يمكن وصفها بمخاض ضخم لميلاد مرحلة جديدة تتغير فيها عناصر المعادلات الإعلامية والسياسية والجيوستراتيجية في اتجاه تنوير الرأي العام العالمي بالسرديات المسكوت عنها لعقود. ويتوقع أن تعترض هذا المخاض تحديات كثيرة لما سينتج عنه من تحولات في الرأي العام العالمي تجاه القضية التي شوهتها التغطيات الإخبارية الجزئية والمتحيزة في وسائل الإعلام الدولية.
- أطروحات معرفية في تغطية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي
وفرت منصات التواصل الاجتماعي مساحات موازية استثنائية لكشف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني بالصوت والصورة للمرة الأولى منذ عقود، وسمحت للعالم بمتابعة جرائم الاحتلال وممارساته لإسكات صوت الحقيقة، من خلال السياسة الممنهجة لاستهداف الصحفيين بالاعتقال والقتل. وتُعد هذه فرصة تاريخية لتحقيق إنجازات فعلية في معركة الوعي وإيقاظ الضمير الإنساني العالمي تجاه مأساة الشعب الفلسطيني التي طالما طمستها سرديات الاحتلال التي تتداولها وسائل الإعلام الدولية على نطاق واسع، في مقابل تهميش متعمد للسرديات الفلسطينية(1). ويطرح الكتاب رؤية ما بعد حداثية لنجاح الإعلام الرقمي وسيطًا تفكيكيًّا للخطاب الإسرائيلي، وبنائيًّا في الوقت ذاته لسرديات بديلة تساند في مجملها الحقوق الفلسطينية. تبنَّت أطروحة الدراسة منهجية التفكير النقدي الحداثي لميشيل فوكو (Michel Foucault)، واعتبرت أن وسائل الإعلام الرقمية أبطلت عمل وسائل الإعلام الدولية في إنتاج سردياتها التقليدية، التي طالما سيطرت بها على الرأي العام العالمي فيما يخص قضية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
ركزت هذه الأطروحة على مفهوم “العقل العضوي”، الذي يُراد به قدرة الشخصيات المؤثرة في شبكات التواصل الاجتماعي على القيام بدور القيادة التوجيهية للجماهير نحو القيام بفعل تحويلي يدفع باتجاه التغيير السياسي. ومن ضمن هذه الشخصيات: الممثلة الأميركية، سوزان ساراندون (Suzan Sarandon)، والموسيقار البريطاني، روجر ووترز (Roger Waters)، وعارضتا الأزياء الشهيرتان، جيجي وبيلا حديد. فقد كشف تحليل حسابات هؤلاء المؤثرين وغيرهم على منصات التواصل الاجتماعي، التي أضحت مصادر أساسية للثقافة الشعبية، قدرتها على تغيير أطر ومسارات الخطاب التقليدي المهيمن على وسائل الإعلام الدولية، وإعادة إنتاجه ونشره جماهيريًّا لتصحيح المعارف والسياقات المرتبطة بقضية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وبحسب مقولة المفكر الفلسطيني الأصل، إدوارد سعيد، ولكن في سياق الاستشراق الرقمي، فإن الإنكار المضمر من جانب وسائل الإعلام الدولية للحق الطبيعي للفلسطينيين في الوجود، يستتبعه بالضرورة تجاهل متعمد لتاريخهم وثقافتهم(2).
ويقوم الإعلام هنا بدور الوسيط الأيديولوجي؛ إذ تتحول سرديات القضية الفلسطينية مع الاستمرار في طرحها إلى قيم ومعتقدات ترسم الصورة الشعبية والثقافية لفلسطين في الوعي العام العالمي، أي إن ما تقوم به شبكات التواصل الاجتماعي الآن هو إزاحة الخطاب القديم حول القضية الفلسطينية وإحلال خطاب جديد محلَّه سيتحول إلى نطاق معرفي إنساني مقبول ومعترف به لفهم السرديات المتعلقة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وتؤكد هذه الأطروحة أن ممارسات الهيمنة الإعلامية التقليدية أنتجت صياغات لغوية للأفكار، وأنشأت نُظُمًا للمعاني ولوظائف المؤسسات الاجتماعية، وما تقوم به شبكات الإعلام الرقمي الآن هو إنتاج صياغات لغوية بديلة، تترتب عليها نظم جديدة لفهم المعاني والعلاقات والوظائف المؤسسية المرتبطة بقضية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وهناك أيضًا الزخم الإنساني الذي أتاحه الربط بين وسم “أنقذوا الشيخ جراح” (#SaveSheikhJarrah)، وحساب حركة “حياة السود مهمة” (@Blklivesmatter)؛ إذ استقطب الارتباط مشاهير العالم من السياسيين والدبلوماسيين والفنانين، الذين أسهموا بدور كبير في صناعة أجندة إعلامية جماهيرية فرضت نفسها على التغطيات الإخبارية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
من جانب آخر، فإن التغطية الجزئية التي تقوم بها وسائل الإعلام الدولية لأخبار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي (الصحافة الإسبانية نموذجًا) من خلال تركيز الروايات الإخبارية على الحصيلة الرقمية للقتلى والجرحى فقط، دون تناول السياقات والأبعاد التاريخية والاجتماعية والسياسية التي تؤطر هذه الأخبار، أدت إلى حجب الجذور الأصلية للصراع، وتجهيل الجمهور وسلب قدرته على فهم أسبابه وحقيقته. ويمثِّل تجريد الأخبار من سياقها الإستراتيجية الإعلامية السائدة في التغطية الإخبارية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي كما يبيِّن تحليل عينة من الصحف الأكثر شعبية في إسبانيا خلال الفترة الممتدة من مارس/آذار إلى يوليو/تموز 2021، والتي شهدت عملية “حارس الأسوار” كما تسميها إسرائيل، ومعركة “سيف القدس” بحسب حركات المقاومة الفلسطينية. ويستدعي ذلك تبني التحليل الموضوعي السياقي بدلًا من التأطير المنفرد الذي يتعامل مع الأخبار كوحدات معزولة اجتماعيًّا وتاريخيًّا عن سياقها ويبقي الجمهور عاجزًا عن فهم الأدوار الحقيقية لأطراف الصراع ومدى مسؤولياتهم عما يحدث(3).
ويطرح الكتاب عددًا من التباينات في أداء وسائل الإعلام الدولية فيما يتعلق بتداول السرديات المهيمنة لصورة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. واعتمد المقارنة بين قناة الجزيرة الإنجليزية وقناة “i24” الإسرائيلية، ورصد المفارقات في تغطيتهما للصراع كما تجسده أحداث “الشيخ جراح”. وركزت أطروحة الدراسة على وضع هذه الأحداث في سياقها التاريخي والثقافي والسياسي والاجتماعي، كما اعتمدت آلية تحليل رباعية بمنهجية كيفية لمحتوى الأخبار في القناتين، لاسيما ما يتعلق بعناصر السرد الأساسية في القصص الإخبارية، وسمات الفاعلين الأساسيين أو الشخصيات المركزية في القصص، وطبيعة المصادر التي استندتا إليها لدعم المحتوى وتأثير ذلك في مصداقية الأخبار وقيمها الأساسية. وأخيرًا استخدام العلامات كنظام تعبيري لتوجيه اهتمام القارئ نحو مرجعيات تاريخية معينة، أو كلمات مفتاحية دالَّة، أو جمل مأثورة، والتأكيد على أن كل قناة تمثِّل عالمًا خاصًّا من الرمزية الدلالية التي صيغت لتوجيه رسالة معينة لجمهورها المحلي والدولي(4).
وأكدت أطروحة هذه الدراسة أن التغطية الإخبارية للجزيرة تميزت بعناصر قوة موضوعية جعلتها أكثر تأثيرًا من القناة الإسرائيلية؛ إذ اهتمت بعمق الأخبار، والاستماع لروايات الناس عن الماضي باعتبارها أساسية لفهم الحاضر، وعدم الاكتفاء بتصريحات السياسيين والجهات الرسمية، فضلًا عن وضع الأحداث في سياقاتها الأكبر والأعمق، مع إثراء المحتوى الإخباري بالأرقام والإحصاءات والحقائق والخرائط. أما القناة الإسرائيلية فقد كررت مقولات مستهلكة حول قوة الجيش الإسرائيلي وأخلاقياته، وأن إسرائيل دولة تسعى للسلام، ولا يمكن وضعها أو وضع جيشها محلًّا للوم على الإطلاق وتحت أي ظرف. وهو ما جعلها تروج لخطاب دعائي يفتقد شكلًا وموضوعًا لإمكانية التأثير في الجمهور. وفي السياق المقارن نفسه، عرض الكتاب التباينات بين ما تبثه قناة “روسيا اليوم” (RT)، وشبكة تليفزيون الصين الدولية (CGTN)، وقناة “فرنسا 24″، وتليفزيون “تيليسور” (TeleSUR). فقد حددت الأطروحة أهم السرديات التي ركزت عليها كل شبكة من خلال التحليل الكيفي لمحتوى الأخبار التي تناولت أحداث “الشيخ جراح” في الفترة من 10 إلى 22 مايو/أيار 2021. وأظهرت نتائج التحليل وجود ستة مسارات تشترك جميع القنوات في التعبير عنها لتمثيل الصراع، وهي اعتبار الولايات المتحدة الأميركية قوة تعرقل عملية السلام، وأن إسرائيل المصدر الرئيس للعنف والاعتداءات، والتركيز على حركة حماس أكثر من غيرها من الفصائل الفلسطينية باعتبارها الطرف المشتبك في صراع مع إسرائيل، والإشارة إلى الصحفيين باعتبارهم أهدافًا مستباحة لآلة القتل والتنكيل الإسرائيلية، والفلسطينيين باعتبارهم ضحايا عدم امتثال إسرائيل للقانون الدولي(5).
وأضافت الأطروحة مسارات أخرى فرعية، مثل تركيز “شبكة تليفزيون الصين الدولية” على البعد الإنساني في الصراع، واهتمام “روسيا اليوم” بالاستخدام الدلالي للصياغات الإخبارية التي تُظهِر الفلسطينيين ضحايا للهجمات الإسرائيلية وتقديم الإسرائيليين بوصفهم معتدين. وأظهرت “فرنسا 24” الموقف الرسمي الفرنسي على مسافة واحدة من طرفي الصراع. وأبرزت “تيليسور” الصراع من خلال التركيز على مشاهد الدمار التي لحقت بالبنية التحتية لقطاع غزة، وخاصة البيوت والمدارس. وتضمنت الأطروحة كذلك ثلاث حقائق مهمة تتمثَّل في التعاطف مع مأساة الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة، وإدانة عدم التكافؤ في ردود الأفعال بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، وانتقاد الدعم غير المشروط الذي تقدمه إدارة بايدن لإسرائيل وهو ما يشكِّل عائقًا أمام تحقيق السلام.
عالج الكتاب أيضًا فكرة الارتباط بين إستراتيجية الأمم المتحدة للسلام المستدام 2030 كجزء من أجندة التنمية العالمية وتغطية أخبار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في الصحف الإلكترونية النيجيرية. واستهلت الدراسة تحليل القضية بإلقاء الضوء على دور وسائل الإعلام الدولية في تغطية الصراعات في القارة الإفريقية، خاصة دور البث الإذاعي في الصراع المسلح برواندا، وكذلك دور الصحافة في تغطية أخبار جماعة “بوكو حرام” في نيجيريا(6).
وتؤكد أطروحة الدراسة دور التغطية الإعلامية في بناء السلام في مناطق الصراع بما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة التي أعلنتها الأمم المتحدة لعام 2030، والتركيز على الحلول السياسية التي طرحها القادة الأفارقة، ومن أهمها حلُّ الدولتين مسارًا آمنًا لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وأظهرت نتائج التحليل أن الأخبار المتعلقة بالصراع في الصحف النيجيرية يتم إبرازها في ثلاثة أطر، وهي: إطار العنف، وإطار السلام، والإطار الإنساني. واستنتجت الدراسة أن أحداث “الشيخ جراح” كانت بحاجة لمزيد من الاهتمام من الصحف النيجيرية، خاصة في ظل علاقات التشابه بين تاريخ الفصل العنصري ومظالم الاحتلال وآثاره على دول القارة الإفريقية، مثل جنوب إفريقيا، والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني. لكن من غير المقبول أن يكون هناك تقدم ملموس في حالة السلام العالمي عام 2030، بينما لا تزال قضية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لا تعرف حلًّا.
وأوضح الكتاب المنطق الذي تتبناه وسائل الإعلام الداعمة للقضية الفلسطينية من خلال دراسة حالة للتغطية الإخبارية لشبكة “تي آر تي” (TRT) عبر حسابها على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) لأحداث “الشيخ جراح”، باستخدام التحليل النصي لمحتوى التغريدات. فقد أكدت أطروحة الدراسة النفاق الغربي في ادعائه حماية حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل، وحرية التعبير في الوقت الذي تُدمِّر فيه إسرائيل البيوت على رؤوس ساكنيها من الأطفال والنساء وكبار السن. وتقصف مكاتب المؤسسات الإعلامية التي تقوم بتغطية الأحداث ونقل الحقائق إلى الرأي العام، ولا تحرك أميركا ولا الدول الأوربية ساكنًا لحماية الشعب الفلسطيني، أو حتى توجيه الإدانة لسلطات الاحتلال(7).
شكَّلت “تي آر تي” الصوت المسموع للفلسطينيين في الإعلام الدولي من خلال التغطية الإخبارية لأحداث الصراع ومستجداته اليومية، وإبراز هذه الأخبار بالشكل اللائق وبما يُظهِر مسؤولية إسرائيل الكاملة عن الدمار، ويعطي مشروعية للأعمال التي تنفذها المقاومة الفلسطينية ردًّا على الانتهاكات الإسرائيلية. وقدمت القناة خطابًا مؤيدًا في مجمله للحقوق الفلسطينية من خلال شهود عيان، ومصادر موثقة، كما أبرزت خطابات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في نداءاته لبابا الفاتيكان بتجريم الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، والتي ترقى لمستوى التطهير العرقي والديني والثقافي والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني المحاصر، وأن التداعيات المستقبلية لهذه الانتهاكات ستؤثر في العالم أجمع. وبيَّنت القناة العلاقة الوثيقة بين استمرار المجازر في غزة، والاستثمار السياسي لها من جانب قادة الأحزاب الإسرائيلية، وتحقيق هدف استمرار نتنياهو في السلطة رئيسًا للوزراء.
قدَّم الكتاب أيضًا فهمًا أعمق لدور الإعلام الرقمي من خلال دراسة طولية للاحتجاجات السياسية ضد الاحتلال الإسرائيلي في الداخل الفلسطيني عبر تسع سنوات (2010-2018)، وتشير إلى أن المنصات الاجتماعية والإعلام الرقمي أسهما في جعل هذه الاحتجاجات مسموعة ومرئية أمام العالم. ولاحظ فريق الباحثين الذي أجرى الدراسة أن تراكم خبرات الناشطين وكفاءتهم في استخدام تقنيات الإعلام الرقمي أثَّرا بشكل كبير في تغيير نمط السرديات السائدة في وسائل الإعلام حول الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ويبدو العامل الأكثر تأثيرًا في هذا التغيير هو اتساع قدرة عدد أكبر من المواطنين العاديين على مشاركة قصص معاناتهم اليومية من ويلات الاحتلال، على الرغم من التحديات التي يواجهونها إزاء شبكة الاتصالات الإسرائيلية. ومن خلال منهجية إثنوغرافية، استطاع الباحثون جمع أكثر من 160 صفحة من الملاحظات المباشرة، وأيضًا الصور، والفيديوهات، والمقابلات، ورسائل الواتساب، ورسائل البريد الإلكتروني، والتدوينات عبر منصات “فيسبوك” و”إكس”، واستخدموها في تقييم الفعاليات الاحتجاجية من خلال وضعها في سياقها التاريخي منذ عام 1948، ومرورًا بأهم التطورات السياسية التي أشعلت احتجاجات وانتفاضات شعبية، مثلما حدث في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، 1987، والثانية، في 2000، وما بعد اتفاقيات أوسلو، 1993(8).
وخلصت أطروحة الدراسة إلى أن التغير النوعي في طبيعة الاحتجاجات وتأثيرها ترافق مع استخدام تقنيات الإعلام الرقمي؛ إذ تمكن الناشطون من توظيف تطبيقاته أداةً للمناورة وتضليل سلطات الاحتلال، ومن ثم الإفلات من القبضة الأمنية الصارمة، وإحداث التأثير المطلوب عبر توثيق الانتهاكات ضد الناشطين في المواقع المختلفة. كما تضاعف تأثير المنصات الرقمية بمساعدة وسائل الإعلام المحلية، مثل الوكالات الإخبارية والإذاعات المحلية، التي يمكن أن تصل للمواطنين من غير المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي.
حددت التغطيات الإخبارية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأحداث “الشيخ جراح”، إلى حدٍّ كبير، الأطر العامة لأجندات وسائل الإعلام الدولية حول الخبر. ويمثل ذلك تأثيرًا نوعيًّا في الاهتمامات والتوجهات التقليدية نحو الأحداث المرتبطة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فضلًا عن جذب مزيد من التعاطف وشغل أكبر لاهتمام الرأي العام العالمي بالقضية(9). وأكدت نتائج تحليل المضمون للتغريدات والتدوينات المتصلة بالموضوع على منصتي “إكس” و”فيسبوك”، في فترة الأسابيع الثلاثة الأولى من مايو/أيار 2021، وجود خمسة أطر إخبارية تتمثَّل في: الاحتلال العسكري الإسرائيلي وسياسات التهجير، والمقاومة الفلسطينية وسياسات الفصل العنصري، وحملة التضامن العالمي مع الفلسطينيين، والدعم الأميركي لإسرائيل، والحملات التي شنَّتها شبكات التواصل الاجتماعي لمحاصرة الأصوات الفلسطينية ومن يساندها والسيطرة عليها. وخضعت البيانات التي تم جمعها لمنهجية تحليلية ثلاثية المراحل: الأولى: تفكيك السرديات وتصنيف نصوصها في وحدات بعضها مفهرس وبعضها غير مفهرس. والثانية: تحديد تعريفات للأطر المستخدمة، والثالثة: تحديد المصطلحات المضادة للسرديات المهيمنة في محتوى منصات التواصل الاجتماعي. وأبرزت نتائج التحليل أن كثافة التغريدات والتدوينات كانت في ذروتها خلال الفترة من 13 إلى 15 مايو/أيار ثم تراجعت بعد ذلك. وكان الفاعل الرئيس في معظم الأخبار هو الاحتلال الإسرائيلي وجنوده، ودولة إسرائيل، والمرأة الفلسطينية، ثم الناشطين. وجاءت مدينة القدس وقطاع غزة باعتبارها أكثر الأماكن التي كانت محورًا للمحتوى يليهما الضفة الغربية، ثم الأراضي داخل الخط الأخضر. وكانت أهم الأسباب التي ذُكرت لاندلاع الأحداث تتمثَّل في المقاومة الفلسطينية لسياسات التهجير والفصل العنصري التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلية بشكل مستمر. وعرف الناشطون أحداث “الشيخ جراح” باعتبارها تجسيدًا لكفاح وطني من أجل تحرير الأرض.
ويؤدي نشر ضحايا الصراعات المسلحة والحروب لشهاداتهم الشخصية والخاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي، بكل ما تحمله من ذكريات ومشاهد مفعمة بالمشاعر والأحاسيس، إلى توفير سجل وثائقي وتاريخي للأحداث، ووضع المعلومات في سياقها الاجتماعي والسياسي لأطراف الصراع، ومن ثم إخراج الحرب من دائرتها السياسية المحدودة إلى محيطها الإنساني الرحب، والذي يتشابك مع ذكريات الحرب كما يتمثلها مستخدمون آخرون يعيشون في ظروف قهر مشابهة حول العالم(10).
وكشف التحليل الإثنوغرافي لحسابات المستخدمين من ضحايا الاعتداءات باستخدام نظرية الفعل المبرر (أو الفعل المنطقي) أن تقارير شهود العيان توفر مساحة تعبيرية تغفل عنها القصص الإخبارية التي تنشر حول الأحداث من خلال وسائل الإعلام؛ إذ استفاد هؤلاء من الإمكانات التكنولوجية لهواتفهم الذكية في تسجيل ذكرياتهم في منازلهم المدمرة بعد أن قصفتها الصواريخ الإسرائيلية وجرى مقارنتها بذكرياتهم المسجلة في الأماكن نفسها قبل الهدم لينسجوا قصصًا إنسانية مؤثرة في فهم الأبعاد المؤلمة غير المحكية في القصص الإخبارية التي يبثها الإعلام.
ويعتبر استخدام المنصات الاجتماعية في حالات الصراع بين قوتين غير متكافئتين فرصة سانحة لتعويض الفارق في القوة بينها. وهو ما يعني استخدام المنصات ساحة رقمية للدبلوماسية الشعبية. ويشير الكتاب إلى أن السلطة الفلسطينية لم تستثمر هذه الفرصة بالشكل المطلوب، واستمرت في انتهاج إستراتيجية اتصالية غير متسقة سياسيًّا مع أهداف وتطلعات الشعب الفلسطيني(11). ففي الوقت الذي تستمر إسرائيل من خلال حسابها على “إكس” في التوجه إلى النخب بخطاب يحافظ على صورتها التقليدية والبحث عن شرعنة لما تمارسه من انتهاكات واعتداءات على الشعب الفلسطيني، تعتمد السلطة الفلسطينية على مصادر غير رسمية لأخبارها وعلى جهود المواطنين الصحفيين المتواضعة في نشر الصور ومقاطع الفيديو التي توثق ما يحدث ضدهم من جرائم ترتكبها إسرائيل. وتستهدف هذه الجهود أساسًا جذب التعاطف والتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني كأمة تحت الاحتلال، أي إن هناك حالة من التراخي من جانب السلطة الفلسطينية في استثمار ما توفره منصات التواصل الاجتماعي من فرص سانحة لصياغة إستراتيجية اتصالية قوية تعبر عن خطاب سياسي وإنساني تحرري يلبي آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني ويتسم بالمهنية والاستمرارية، ولا يقتصر فقط على جذب التعاطف والتضامن الدوليين.
لقد طبقت منصات التواصل الاجتماعي ما يُعرف بسياسات “الموت الرقمي” ضد الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية خلال أحداث “الشيخ جراح”. وسمحت هذه السياسات بإزالة حسابات معينة باعتبارها “آخر” غير مرغوب فيه ويجب استئصاله، ويُعد ذلك جريمة إبادة رقمية لتحويل حسابات الناشطين من عالم الوجود الاجتماعي لعالم الفناء(12). وتتم الجريمة بتعاون وثيق بين إدارات المنصات الرقمية والحكومات التي تتعارض مصالحها السياسية مع نشاط تلك الحسابات. وتتخذ جريمة الإبادة الرقمية أشكالًا عدة، مثل الحذف الدائم للحسابات، وحذف التغريدات أو التدوينات، وإخفاء الوسوم، وحذف الأرشيف الكامل لمحتوى معين، أو إعاقة الوصول إليه، وتعطيل بعض خصائص المنصة، مثل مشاركة المحتوى أو حفظه أو التعليق عليه أو تشغيل البث الحي.
وفي المقابل، تنتهج وسائل الإعلام الدولية سياسة الاغتيال المعنوي لشخصيات الدول، وتستخدم عددًا من الإستراتيجيات لتحقيق هذه السياسة، وتنقسم هذه الإستراتيجيات لنوعين: ناعمة وأخرى خشنة(13). ويندرج ضمن الإستراتيجيات الناعمة: اللوم والمشاركة والتعريف، بينما ترتكز الإستراتيجية الخشنة على الشيطنة. وتتبادل وسائل الإعلام الدولية الداعمة لأحد طرفي الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي استخدام هذه الإستراتيجيات لتحقيق الاغتيال المعنوي للطرف الآخر. فالوسائل الداعمة لإسرائيل تلقي باللوم دائمًا على الفلسطينيين، وتعتبر الهجمات الإسرائيلية مبررة؛ لأنها مجرد رد فعل لاعتداءات فلسطينية تسبقها. كما تبرز وسائل الإعلام الشراكة الإسرائيلية-الأميركية في تحقيق الأهداف الأمنية لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها. وكذلك تستخدم المنطق الإسرائيلي في تسمية الفلسطينيين بـ”الإرهابيين”. وأخيرًا، تشيطن الوسائل الإعلامية المؤيدة لإسرائيل قوى المقاومة في فلسطين باعتبارها شرًّا مطلقًا يجب استئصاله. وفي المقابل، توظف وسائل الإعلام الدولية المؤيدة للقضية الفلسطينية الإستراتيجيات نفسها سواء الناعمة منها أو الخشنة لتحقيق الاغتيال المعنوي لدولة إسرائيل.
تحوَّل مفهوم الحتمية التكنولوجية من السيطرة المطلقة على الفعاليات الرقمية -وهي المرحلة الطوباوية- إلى المرحلة البائسة التي تطارد فيها إبداعات المقاومة التي أصبحت أكثر مهارة في المراوغة، والإفلات من قبضة السيطرة الرقابية بأفكار خلاقة. فقد نجحت حسابات الناشطين على “تيك توك” و”إنستغرام” و”إكس” في العبور بالصوت الفلسطيني فوق الحدود الجغرافية إلى كل مكان في العالم(14). كما شجع تفجير مقرات المكاتب الإعلامية، مثل برج الجلاء، المبادرات الشخصية من الداخل الفلسطيني وفي الشتات إلى نقل الانتهاكات الإسرائيلية على الهواء مباشرة. وأنتجت هذه المبادرات أنماط مقاومة إبداعية لآليات إدارة المحتوى والسيطرة عليه، مثل استخدام حسابات بديلة عن حسابات الناشطين التي يتم إغلاقها لإسكات صوتها، وكذلك كتابة التدوينات بلغة عربية تخلو من النقاط التي تميز الحروف، أو كتابتها بجانب حروف لاتينية أو رموز تصبح معها الكلمة صحيحة النطق، وبعيدة في الوقت ذاته عن آليات التحيز الخوارزمي.
وتستند أطروحة الدراسة إلى فكرة الاحتلال الرقمي المرتبط بمفهوم الحتمية التكنولوجية، والدور المتأصل للخوارزميات في نشر آليات التحيز المساندة للخطاب الإسرائيلي على محركات البحث وشبكات التواصل الاجتماعي. ولا تُعد فكرة الاحتلال الرقمي جديدة، ولكنها الصورة الأحدث من الرقابة التقليدية على الإعلام التقليدي الذي انصرف عنه قطاع واسع من الجمهور؛ إذ يمارس هذا الاحتلال الرقمي دوره بصورة عابرة للحدود ويعمل على تعزيز الخطاب المهيمن الداعم لإسرائيل وإعادة إنتاج أنظمة رقابية استباقية تحول دون انتشار الخطاب الداعم للقضية الفلسطينية. ويؤكد ذلك الدور المهم للإبداع الرقمي الذي ظهر خلال أحداث “الشيخ جراح”، ويتمثَّل في مشاركة أصحاب الخبرات، التي واجهت الظلم والاضطهاد، بتجاربهم لتعزيز صف المقاومة الشبكية وتجاوز المعوقات الرقابية، وهو ما أسفر عن حالة نضالية استثنائية ضد الاحتلال الرقمي يمكن استثمار نتائجها في المستقبل.
- الفجوات المعرفية لأطروحات الكتاب
غفلت معظم الأطروحات التي قدَّمها الكتاب، في سياق التفاؤل بالتأثير الممكن لشبكات التواصل الاجتماعي، عن التحديات التي تواجه هذا التحول؛ إذ إن الطريق لا يزال طويلًا لإحداث تغيير ملموس في السياسات التحريرية لوسائل الإعلام الغربية، فضلًا عن أن يكون هذا التأثير مستدامًا وينعكس على قناعات قطاعات عريضة من الرأي العام العالمي. ومن ثم لا تزال حالة عدم التكافؤ بين الماضي والحاضر موجودة، ولا تزال الهوة أيضًا شاسعة بين التيار الرئيس لوسائل الإعلام الدولية الأوسع انتشارًا والأكبر تأثيرًا والمساند للاحتلال الإسرائيلي، وتيار وسائل الإعلام الدولية المساند للقضية الفلسطينية.
وعلى الرغم من الإضافة المعرفية لطبيعة واتجاهات السرديات المعارضة للخطاب المهيمن حول الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والتي بيَّنها الكتاب من خلال التحليل المقارن للأداء الإخباري للشبكات الإعلامية في عدد من الدول التي تدخل في منافسة مع الدور الأميركي (روسيا والصين)، أو التي تعبِّر عن موقف تحرري من التبعية الأميركية (تيليسور)، إلا أن الخلاصات النهائية لمضمون التحليل لم تتجاوز التعبير الانفعالي تجاه الأحداث؛ إذ لم تهتم أي من هذه الشبكات باستحضار السياق التاريخي والثقافي للصراع. فاكتفت بالتركيز على أحد جوانبه الظاهرية، كأن تتعاطف مع مشاهد الضحايا والدمار، أو تنتقد الموقف الأميركي في المساندة غير المشروطة لإسرائيل. كما جانبت إحدى الخلاصات حقيقة الأمر، حينما وصفت الموقف الفرنسي الذي عبرت عنه “فرانس 24” بالمتوازن، ويحاول الوقوف على مسافة واحدة بين طرفي الصراع، وتغافلت عمدًا عن طبيعة الصراع مع إسرائيل التي تمثِّل قوة احتلال، وأن مقاومتها حق مشروع، وإذا كان لأحد الحق في الدفاع عن نفسه، فهو بالتأكيد الطرف الأضعف وليس الطرف الأقوى.
طرح الكتاب رؤية مقبولة لتحقيق التوازن في التقارير الإخبارية حول الصراع تقضي بضرورة تناول السياقات التاريخية والاجتماعية والثقافية حتى يتسنى للجمهور فهم الإطار العام للأخبار ومدى مسؤولية كل طرف عما يحدث إلا أن هناك بعض العقبات التي تم تجاهلها وتحول دون تحقيق هذا الهدف. تُعد العقبة الأولى مهنية؛ إذ يتعلم الصحفيون أن أخبار الحروب والصراعات هي من جنس الأخبار الخشنة، والتي يُكتفى فيها بسرد أهم ما حدث ويليه مباشرة الأقل أهمية. والعرف السائد أن يتم إبراز حصيلة الضحايا من القتلى والجرحى باعتبارها أهم جانب في الخبر، أي إن تهميش السياق يحدث كعرف مهني في تغطية أخبار الصراعات. والعقبة الثانية بنيوية، وتتمثَّل في السيطرة شبه المطلقة للسرديات الإسرائيلية، وتغلغلها العميق في الوعي العام لمنتجي الأخبار في وسائل الإعلام الدولية. وقد تحولت هذه السرديات إلى التفسير المنطقي المقبول لتأطير أحداث الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بما تحمله من تحيزات هيكلية ضد أي رواية تخالف الرواية الإسرائيلية أو تتناقض معها.
وقدَّم الكتاب أيضًا مقارنة تبدو مشتتة إلى حدٍّ ما، وغير متسقة في بناء علاقات بين المتغيرات التي تقارن بينها. فلا توجد علاقة مباشرة بين تغطية وسائل الإعلام الدولية للصراعات في القارة الإفريقية، وما تتسم به هذه الصراعات من خلفيات إمبريالية مختلفة في منطلقاتها وأهدافها عن طبيعة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي الذي يحضر فيه البعد الأيديولوجي والجيوسياسي إلى حدٍّ كبير. إن ربط أهداف التنمية والسلام المستدام للأمم المتحدة قد يبدو منطقيًّا ومتسقًا مع القارة الإفريقية التي تعافت من الاستعمار وتتجه نحو تحقيق هذه الأهداف بخطى واثقة، تختلف سرعتها من دولة إلى أخرى وفقًا لمستوى السلام الاجتماعي المتوافر لديها. أما عند ربط هذه الأهداف بدولة الاحتلال الإسرائيلي وسردياتها الصهيونية التي تغلغلت لقرن من الزمان في التغطيات الإخبارية لوسائل الإعلام الدولية لتشكل وعيًا متحيزًا للاحتلال المتفوق عسكريًّا ومفصولًا عمدًا عن سياقه التاريخي والثقافي، فإن المقارنة هنا مختلفة تمامًا ولا يمكن التنبؤ بمستقبل الصراع بناء على أجندة الأمم المتحدة للسلام المستدام بل الأولى على أقل تقدير أن تلتزم إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة التي صدرت منذ عام 1967، وحتى الآن ولم ينفذ منها شيء يُذكر.
يلاحظ أيضًا أن أطروحات الكتاب أشارت لتأثير الاحتلال الرقمي في إعاقة القدرات الاتصالية للشعب الفلسطيني بشكل عام والناشطين بشكل خاص، من خلال سيطرته على شبكات الاتصالات ومراقبتها، إلا أن هذه المقاربة غير مكتملة؛ إذ كان من الضروري الإشارة إلى الحلول الممكنة لتخطي حالات الإيقاف الكامل لخدمات الإنترنت والاتصالات، والتي تحد من محاصرة أفكار المقاومة الرقمية والتأثير فيها. فقد كان ينبغي الإجابة على السؤال المتعلق بماهية البدائل التقنية التي يمكن للناشطين استخدامها لإبقاء التواصل نشطًا بين الأطراف المختلفة. ولم تأخذ في الحسبان حالة الفزع التي أصابت سلطات الاحتلال الرقمي، والتي حتمًا ومنطقيًّا ستدعوهم إلى إعادة حساباتهم التقنية والخوارزمية مجددًا لقطع الطريق أمام حالات المقاومة غير المألوفة.
خلت بعض أطروحات الكتاب من خلاصات، كما أن بعضها غير وظيفي. فخاتمة الدراسة الأولى، على سبيل المثال، على الرغم من التجديد المعرفي الذي تضيفه للأحداث المتعلقة بالقضية الفلسطينية كجزء من السرد التاريخي الذي تناولته، إلا أن كونها خاتمة يستلزم أن تضيف إجمالًا فكريًّا للجزئيات التي استعرضتها، بما قد يساعد القارئ على استشراف الأفق المستقبلية لتوظيف منصات التواصل الاجتماعي لخدمة القضية الفلسطينية. لكنها اقتصرت بشكل مبالغ فيه على وصف المبررات السياسية التي تدفع قادة الاحتلال الإسرائيلي إلى التصعيد العسكري في قطاع غزة لخدمة مصالحهم الانتخابية.
- موقع الكتاب في المكتبة الإعلامية
هناك العديد من الكتب التي تناولت قضية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من زوايا مختلفة، بعضها سياسي، وبعضها اجتماعي، وبعضها ثقافي وتاريخي إلا أن الإنتاج الفكري الغالب في هذا الشأن انصرف إلى مجموعة من التجارب الشخصية لمؤلِّفين متحمسين لعرض رؤاهم الخاصة للقضية، مثل كتاب: “حرب المئة عام على فلسطين”(15) لرشيد الخالدي، وكتاب “الطريق إلى الربيع: الحياة والموت في فلسطين”(16) لمؤلِّفه، بن إهرنرايخ (Ben Ehrenreich)، وكتاب: “رأيت رام الله”(17) لمريد البرغوثي. أما فيما يتعلق بالإنتاج الفكري الذي يتناول البعد الإعلامي وتأثيره في القضية الفلسطينية، فعلى الرغم من أهميته لا تبدو الكتب التي صدرت حتى الآن مناسبة لهذه الأهمية كما أن هذا الإنتاج محدود نسبيًّا. وليتسنى بيان موقع الكتاب الذي نناقش أطروحاته إزاء الكتب التي سبقته، تستطلع المراجعة بعض الأمثلة لهذه الكتب باختصار لنعرف ماذا كان محور اهتمامها.
أولًا: كتاب “داوود وجالوت: القصة الداخلية المتفجرة للتحيز الإعلامي في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي”(18) لمؤلِّفه، شراجا سيمونز (Shraga Simmons)، ويناقش الكيفية التي يؤدي بها التضليل الإعلامي لمزيد من التعقيد عند عرض أخبار الصراع بشكل غير متوازن، بل قد تعوق التغطية الإعلامية المُضَلِّلَة محاولات الوصول لتسوية عادلة للصراع.
ثانيًا: كتاب “قصص العودة: الإنتاج الإخباري الأميركي والسياسة الفلسطينية”(19) لمؤلِّفته، آمال بشارة، ويبيِّن أن التغطيات الإخبارية التي تقدمها الصحف الأميركية للشأن الفلسطيني تعتمد بشكل كبير على عمل الصحفيين الفلسطينيين في مواقع الأحداث. ويستخدم الإعلام هذه التغطيات لتشكيل الرأي العام الأميركي تجاه القضية الفلسطينية، ومن جهة أخرى تُعد عاملًا مؤثرًا في السياسة الفلسطينية.
ثالثًا: كتاب “حماس والإعلام: سياسات الإعلام وإستراتيجياته”، للأكاديمي، وائل عبد العال(20)، ويمثِّل دراسة حالة لاستخدام حركة حماس للأدوات الإعلامية منذ بداية ظهورها والكتابة على الجدران وحتى استخدام الإنترنت لتنفيذ أهدافها السياسة والأيديولوجية. ويبيِّن جهود حركة حماس في تطوير بنيتها الإعلامية التحتية، وكيف تغلغلت فكرة المقاومة في الخطاب الإعلامي الفلسطيني.
رابعًا: كتاب “فلسطينيو الشتات في المملكة المتحدة واستخدام وسائل الإعلام الجديد”(21) لأميرة هالبيرن (Amira Halperin)، ويبرز الكيفية التي يستخدم بها الفلسطينيون المقيمون في المملكة المتحدة تقنيات الإعلام الجديد، وهواتفهم الذكية بشكل كبير لتعزيز قيم الديمقراطية في بلدهم الأم. ويناقش مساحات الحرية التي يتمتع بها الفلسطينيون وتوظيفها في الدفاع عن قضيتهم باستخدام التطبيقات التكنولوجية الرقمية المختلفة.
خامسًا: كتاب “القصة الخاطئة: فلسطين وإسرائيل والإعلام”(22) للأكاديمي، غريغ شوبك (Greg Shupak)، ويكشف فيه عن الأسلوب المعيب لتغطية الأخبار المتعلقة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من خلال تركيزه على رؤى متطرفة ذات خلفيات دينية على حساب الرؤى المعتدلة والتي دائمًا ما يتم تهميشها، وأن هذا الأسلوب يؤدي لتحريف فهم الرأي العام للقضية.
سادسًا: كتاب “نشاط الشباب الفلسطيني في عصر الإنترنت: الشبكات الاجتماعية بعد الربيع العربي”(23)، لمؤلِّفته، ألبانا دوونش (Albana Dwonch)، والذي اهتم بدراسة ثلاثة نماذج من الحركات الشبابية الناشطة في قضية الصراع، وهي: “حركة 15 مارس/آذار في غزة”، و”حركة فلسطينيين من أجل الكرامة في الضفة الغربية”، و”حركة برافر للشباب الفلسطيني في إسرائيل”، وهو يمثِّل دراسة كيفية اعتمدت على مجموعة من المقابلات مع نشطاء بارزين على منصات التواصل الاجتماعي.
وبناء على ما سبق يمكن فهم الأهمية التي يمثِّلها الكتاب موضوع القراءة، وتبرز في العناصر:
– يُعد الكتاب عملًا جماعيًّا، وليس مجرد مُؤَلَّف فردي، تنوعت فيه زوايا الاهتمام، وجوانب التخصص الإعلامي، مما يبلور صورة أكثر شمولًا للمجال الإعلامي الذي تتحرك من خلاله قضية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وتتأثر بتفاعلاته ومستجداته وسياساته.
– يمثِّل إنتاجًا علميًّا أكاديميًّا وليس عملًا أدبيًّا يعرض رؤى ذاتية. كما أن معظم المشاركين في تأليفه من الباحثين في الجامعات والأقسام العلمية، ولذلك فأطروحات الكتاب مدعمة بالأدلة المنهجية المنضبطة، سواء في صورتها الكمية أو الكيفية. كما حرص الباحثون على اتباع خطوات علمية منظمة للوصول إلى النتائج، وإثرائها بالخلاصات والمناقشات.
– يمثِّل محور اهتمام الكتاب موضوعًا إعلاميًّا بالدرجة الأولى، وهو التغطية الإخبارية لأحداث “الشيخ جراح”، في مايو/أيار 2021؛ ما يجعله مرجعًا وثائقيًّا مهنيًّا ودراسيًّا للتعامل الإعلامي مع هذه الأحداث، ودون أن يفقد صلاته الوثيقة بالسياق التاريخي والسياسي والثقافي، وهو ما حرص محرره الدكتور نور الدين ميلادي على توفيره لربط الأطروحات المقدمة معًا، وإحداث التكامل فيما بينها من خلال تقسيم المحتوى إلى ثلاثة محاور رئيسة.
- نموذج الإعلام الغربي الذي يستعرضه الكتاب
لم تكن نتائج الدراسات الواردة في هذا الكتاب لتؤتي ثمارها لولا دراسة الحالة التي جمعت شملها للنظر في أحداث “الشيخ جراح”، باعتبارها تجليًا لسياسات الاحتلال الإسرائيلي القائم على الإبادة الجماعية في تعامله مع الشعب الفلسطيني. فقد لعبت وسائل الإعلام الدولية منذ نشأة هذا الكيان في عام 1948، وعلى مدار عقود، دورًا محوريًّا في تجاهل تاريخ وحقوق الشعب الفلسطيني، ومساندة الاحتلال لبسط قوته وفرض سيطرته، في ظل حالة من التقاعس العربي عن نصرة القضية الفلسطينية. كشفت أحداث “الشيخ جراح”، وما بعدها وصولًا إلى السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2024، الزيف المطلق للادعاءات التي لطالما روَّج لها الغرب ووسائل إعلامه، بخصوص حرية التعبير والموضوعية والمهنية، فكم تعرض ناشطون، وسياسيون، وصحفيون للتعسف والفصل من وظائفهم لا لذنب سوى رفض اللحاق بقطيع المؤيدين لرواية الاحتلال حول الأحداث. وعلى الرغم مما توافر من أدلة دامغة تكذب هذه الرواية، فإنها لم تهتم بمراجعة سياسة التأييد الأعمى للروايات الإسرائيلية حول الأحداث.
إن تعامل الإعلام الغربي مع أحداث “الشيخ جراح” وما بعدها، أسهم في تفكيك الإيمان بقيم الفلسفة التي قامت عليها المجتمعات الغربية الحديثة فيما يخص تمجيد حقوق الإنسان، والمساواة بين البشر، والحرية، والديمقراطية، وحرية التعبير، ومن ثم فقدان الثقة فيما تقدمه وسائل الإعلام الدولية من تغطيات إخبارية يبدو أنها تعترف بهذه الحقوق فقط لفئة من البشر دون الآخرين. وهو ما يعكس وجهًا عنصريًّا يبدو أنه الأعمق تجذرًا في الثقافة الغربية من أي ادعاءات أخرى، ويتفق في جوهره مع موقف الاحتلال الإسرائيلي في تعامله مع الشعب الفلسطيني. لقد كشفت أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، في غزة، عن انتقال الاتفاق بين عنصرية الغرب وعنصرية الاحتلال الإسرائيلي من مرحلة الخفاء إلى مرحلة العلن، وما نجم عن هذه المرحلة من حرج لا يمكن تبريره. ويبقى الرهان الآن معقودًا على الجيل الجديد في كل أنحاء العالم، والذي أثبتت الأحداث والدراسات أيضًا أنه غير متأثر بآلة الدعاية الصهيونية، بل أظهر فاعلية في تحويل السرديات المهيمنة لعقود إلى دعوات للتفكير الناقد فيما يجرى على أرض الواقع.
المراجع
(1) Noureddine Miladi and Aya Miladi, “Digital media and the war of narratives in reporting the PalestinianIsraeli conflict,” in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict: Reporting the Sheikh Jarrah evictions, ed. Noureddine Miladi, (UK: I.B. Tauris, 2023), 11.
(2) Ruth Sanz Sabido, “Gaza 2021: Newsworthiness and context in the Spanish news coverage of the Israeli-Palestinian conflict”, in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, 31.
(3) Mazhar Al-Zo’by, “Digital activism and the politics of protest: Palestine and the struggle for global popular representation,” in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, 121.
(4) Noureddine Miladi et al., “Media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, comparing Al Jazeera English and i24News,” in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, 65.
(5) Christopher D. Tulloch and Jose Luis Gordillo, “Counter-hegemonic global media narratives on the Palestine-Israel conflict: The Sheikh Jarrah protests on CGTN, RT, France 24 and TeleSUR,” in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, 47.
(6) Muhammad Jameel Yusha’u, “SDG16 in the news: Digital news coverage of Sheikh Jarrah in Nigerian newspapers,” in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, 93.
(7) Yusuf Devran, “Reporting the Sheikh Jarrah evictions on TRT World’s Twitter account,” in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, 107.
(8) Konstantin Aal et al., “The orchestration of activist events: Making protests heard (and seen),” in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, 139.
(9) Shadi Abu-Ayyash and Hussein Ahmad, “Social media, activism and mass protest: Framed narratives of the May 2021 Sheikh Jarrah events,” in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, 171.
(10) Tawseef Majeed and Ali M. Abushbak, “Palestinian war narrative and social media: Ethnographic account of the victims of Israel-Palestine war during May 2021,” in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, 187.
(11) Sherouk Maher and Dina Matar, “Comparative analysis of Israeli and PLO diplomacy practices during the May 2021 Israeli attacks against Gaza,” in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, 203.
(12) Kelly Lewis, “Platform necropolitics: Content moderation and censorship of pro-Palestinian voices on social media,” in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, 219.
(13) Aspriadis Neofytos, “The media war in the Palestinian-Israeli conflict: Examining interstate character assassination in international media,” in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, 251.
(14) Dounia Mahlouly and Zaina Erhaim, “Pro-Palestinian activism: Resisting the digital occupation,” in Global media coverage of the Palestinian-Israeli conflict, 237.
(15) Rashid Khalidi, “The hundred years’ war on Palestine: A history of settler colonialism and resistance 1917-2017, (USA: Metropolitan, 2020).
(16) Ben Ehrenreich, The Way to the Spring: Life and Death in Palestine, (UK: Penguin Books, 2017).
(17) Mourid Barghouti, I saw Ramallah, (USA: Anchor, 2008).
(18) Shraga Simmons: David & Goliath: The Explosive Inside Story of Media Bias in the Israeli-Palestinian Conflict, (London: Emesphere Productions, 2012).
(19) Amahl Bishara, Back stories: US news production and Palestinian politics, (California: Stanford University Press, 2013).
(20) Wael Abdelal, Hamas and the Media: Politics and Strategy, (UK: Routledge, 2016).
(21) Amira Halperin, The Use of New Media by the Palestinian Diaspora in the United Kingdom, (UK: Cambridge Scholars Publishing, 2018).
(22) Greg Shupak, The wrong story: Palestine, Israel, and the Media, (USA: Or Books, 2018).
(23) Albana Dwonch, Palestinian youth activism in the internet age: Online and offline social networks after the Arab Spring, (UK: Bloomsbury Publishing, 2021).
* د. فاطمة الزهراء السيد، أستاذ بقسم الصحافة بكلية الإعلام، جامعة القاهرة.
Dr. Fatma Elzahraa Elsayed, Professor of Journalism and Digital Media, Faculty of Mass Communication, Cairo University.