توطئة:
يمثِّل مشروع المعجم الإعلامي الحديث، الذي يُصدِره مركز الجزيرة للدراسات، إسهامًا معرفيًّا في صناعة معجمية تحقق التراكم المعرفي الإعلامي، باعتبارها وسيطًا علميًّا يُوثِّق الصلة بمجال اشتغاله، ويُكْسِب المتلقي أيضًا وعيًا عميقًا بالكيفية التي يُعَبِّر بها النسق المعجمي عن صيرورة الظواهر والقضايا التي يعالجها من خلال البحث في أصول الكلمات، وتَشَكُّل المصطلحات، وبلورة المفاهيم واستقصاء تطورها التاريخي. سيكون هذا المعجم الإلكتروني منطلقًا لفهم الطبيعة التاريخية لمصطلحات الإعلام، والسياقات المختلفة التي تبلورت فيها، والقضايا والإشكاليات التي تُعبِّر عنها في علاقتها بالتحولات الاجتماعية والسياسية والفكرية والفلسفية، وتأثيرها على التفكير الإنساني في تلك القضايا، لأن المصطلحات لا يمكن عزلها عن هذه البنى التي أنتجتها (الاجتماعية والتاريخية والسياسية…)، كما أن بعض العمليات الاجتماعية والتاريخية تحدث من داخل المصطلحات نفسها. وفي هذا العدد، يشارك الدكتور عبد الكريم علي الدبيسي بهذه المادة العلمية التي أعدَّها ضمن سلسلة المعجم الإعلامي الحديث مساهمًا في بناء لبناته ومنظومته.
Foreword:
Published by Al Jazeera Centre for Studies, The Modern Media Dictionary is a cognitive contribution to the lexical industry that achieves an accumulation of media knowledge as a scientific means of documenting the connection to its field of work, giving the reader a deep awareness of how the lexical system expresses the process of phenomena and issues that it deals with through research on the origins of words, forming vocabulary and concepts, and investigating their historical development. This electronic dictionary will be the starting point for understanding the historical nature of media terminology; the different contexts in which they were formed; the issues and problems that it portrays in its relationship with social, political, intellectual and philosophical transformations; and their effect on human thought on these issues. This is because terminology cannot be isolated from the social, historical and political structures that produced it. In addition, some social and historical operations occur from within the terminology (e.g. cyberspace, social media networks). This issue features a scientific article prepared by Dr. Abdulkareem Ali Al-Debaisi as part of the Modern Media Dictionary series, and a contribution to its construction and system.
الإخراج (Directing, Réalisation)
الإخراج مصدر الفعل أَخْرَجَ، وأخرجَ الشَّيءَ تعني أبرزه وأظهره، وأخرج الحديثَ: نقله بالأسانيد الصحيحة. ويقال: خرجت السماءُ: أصْحَت وانْقَشع عنها الغيم(1). وفي اللغة الإنكليزية تعني كلمة الإخراج (Directing)(2) إِرشاد، إِشراف، تَحرِيك، تَسيِير، تَصوِيب، تَوجِيه. وهي مشتقة من الفعل (direct) ومعناه: أَدَار، أَرْشَد، أَشْرَف على، أَمَر، رَاقَب، قَاد، قَام على، كَلَّف بـ، ويُخْرج، يدير، يرشد، يقود، يوجِّه. ومن مرادفات (Directing)كلمة (Production) التي تفيد إنتاج الأشياء، مثل: مقدار الشيء الذي ينتجه شخص، أو آلة أو منظمة، وتدل أيضًا على الإخراج الفني(3). وفي الفرنسية تفيد كلمة (Réalisation) التي يقابلها في اللغة الإنكليزية (Realization) تنفيذ، إِخْراج، إِجْراء، إتمام، وإنجاز عمل أو تحقيق شيء ما، ونقله من مرحلة التصور إلى مرحلة الشيء الموجود، أي تحويل الشيء إلى حقيقة واقعة. وتدل على الإِخْراج في مجالات: الراديو، التليفزيون، السينما، المسرح(4). ويتقارب مفهوم المصطلح في اللغات الثلاث بمعنى إظهار شيء أو منتج.
ويُعد الإخراج المسرحي أقدم أنواع الإخراج التي عرفها الإنسان، وقد استُخدِم هذا المصطلح لأول مرة في عام 1820؛ إذ كان الإخراج وقتها يعني تنظيم التشكيل الحركي للممثلين، ثم تطور مفهوم الإخراج ليدل على مجمل العملية الإخراجية. وبعد تطور وسائل الاتصال والإعلام، تطور الإخراج الذي كانت بداياته في المسرح لينتقل إلى مجال السينما، ثم إلى الصحافة المطبوعة والصحافة الإذاعية والتليفزيونية بعد اختراع الراديو والتليفزيون. وتطور فن الإخراج على مرِّ العقود بفضل التقدم التكنولوجي والتحولات التي عرفتها صناعة الاتصال والإعلام، وأصبح عملية فنية معقدة تتضمن اتخاذ قرارات فنية وإدارية لتحقيق رؤية فنية متكاملة. كما ظهرت مدارس وأنماط مختلفة للإخراج عبر العقود، مثل: المدرسة التقليدية، والمدرسة المعتدلة، والمدرسة الحديثة والمدرسة الأكثر حداثة(5).
ويدل مصطلح الإخراج في علوم الاتصال والإعلام على تنظيم مجمل مكونات العرض المطبوع أو المرئي أو المسموع وفقًا لأدوات وأسلوب يوضح الحدث، أو معطيات النص في فضاء ما، وترتيب عناصره والتنسيق بين مختلف مكونات العرض. والإخراج فن إبداعي يهدف إلى جذب انتباه المتلقي إلى مضمون الرسالة الاتصالية، وإثارة اهتمامه بها، وفقًا لأسس تراعي ميول واتجاهات وعادات الجمهور الاتصالية. ويقوم الإخراج في علوم الاتصال والإعلام على مجموعة من الأسس التي تتصل بتقويم الرسالة الاتصالية وموضوعاتها، وتقدير القيمة النسبية لكل موضوع، واختيار ما يهم الجمهور منها. كما يقوم على أسس فنية تهدف إلى تحقيق جذب الانتباه وزيادة جاذبية وأسس نفسية تتعلق بمعرفة اتجاهات الرأي العام وأذواق الجمهور(6). ويمثِّل الإخراج دورًا محوريًّا في العملية الإبداعية والإنتاجية لوسائل الإعلام؛ إذ يُسهِم المخرج في تحقيق المنتج النهائي الذي يجسد رؤيته الفنية وينقلها بنجاح للجمهور. ويتفرع الإخراج كوظيفة اتصالية وإعلامية ليشمل تخصصات محددة؛ إذ جاء هذا التطور في تخصصاته مواكبًا لظهور وسائل إعلامية جديدة، بدءًا من الإخراج المسرحي والإخراج الصحفي، إلى الإخراج الإذاعي ثم الإخراج التليفزيوني، والإخراج في الصحافة الرقمية والإعلانات.
الإخراج الإذاعي (Radio réalisation Radio Directing,)
يتكون مصطلح الإخراج الإذاعي من مفردتين، هما: الإخراج والإذاعي. وكما ذُكِر آنفًا، فإن الإخراج مصدر الفعل أَخْرَجَ، وأخرجَ الشَّيءَ تعني أبرزه وأظهره، والإذاعي اسم منسوب إلى الإذاعة، وهي مصدر الفعل أذَاعَ، ويُذيع، أَذِعْ، إذاعةً، فهو مُذيع، والمفعول مُذاع، وأَذَاعَ خَبَراً: نَشَرَهُ، أَعْلَنَهُ(7). ويقابل الإخراج الإذاعي في الإنكليزية مصطلح (Radio Directing)، توافقًا مع مفهوم إنتاج وإنجاز عمل. وفي الفرنسية تفيد (Réalisation) التصنيع والابتكار، وهي مرادفة لـ(Production) التي مفادها إنجاز أو إنشاء وإنتاج عمل، وتنسيق كافة العمليات الفنية. وتتوافق معاني المصطلح في اللغات الثلاث على أن الإخراج الإذاعي هو العملية الفنية التي يتم فيها صناعة وإنتاج الأخبار والتقارير والبرامج الإذاعية بتنسيق وابتكار، وبثِّها عبر الإذاعة (الراديو)، إلا أن المدلول العربي للمصطلح يميز بين الإخراج كوظيفة متكاملة، وبين الإنتاج كمرحلة من مراحل إنجاز الإخراج الإذاعي.
وقد تطور الإخراج الإذاعي على مرِّ العقود مع تطور تكنولوجيا البث الإذاعي، وعلى أربع مراحل(8): المرحلة الأولى في أوائل القرن العشرين مع بدايات ظهور البث الإذاعي. والمرحلة الثانية، وتمثِّل مرحلة العصر الذهبي للإذاعة في ثلاثينات القرن العشرين الذي تميز بظهور البرامج الترفيهية والعروض الموسيقية، والمسلسلات والبرامج الإخبارية. والمرحلة الثالثة، وهي مرحلة تطور تكنولوجيا الاتصال اللاسلكي، واختراع الترانزستور في أوائل الستينات من القرن العشرين، الذي أدى إلى تحسين أجهزة الإرسال وجودة الإشارة، وزيادة أمدية البث. أما المرحلة الرابعة، فهي مرحلة العصر الرقمي وما بعده، التي بدأت في النصف الأخير من القرن العشرين؛ إذ أسهمت شبكة الإنترنت والبث الرقمي في المزيد من التحولات التي شهدها العمل الإذاعي. وقد انعكس ذلك التطور التكنولوجي بإحداث طفرة نوعية في العمل الإذاعي على مستويات الإعداد والتقديم والإخراج؛ إذ تطورت أجهزة الهندسة الإذاعية، والقوالب والأشكال الفنية للإذاعة، والتوظيف الجيد للصوت، والتنوع في الموسيقى والمؤثرات الصوتية.
ويشير مصطلح الإخراج الإذاعي إلى العملية الفنية والإبداعية لإنتاج محتوى البث الإذاعي، وتشمل هذه العملية جوانب التنسيق، والتخطيط، والتحرير، والتسجيل وترتيب العناصر الصوتية والموسيقى بهدف إنشاء محتوى إعلامي، أو ترفيهي عالي الجودة وجذاب، يتردد صداه مع الجمهور المستهدف، وينقل الرسالة المقصودة بشكل فعال عبر موجات الأثير. ويشمل الإخراج الإذاعي جميع الأنواع والأشكال الإذاعية، مثل: نشرات الأخبار والتقارير، والبرامج الحوارية، والمقابلات، والدراما، ومختلف البرامج المنوعة، والترفيهية وغيرها(9).
إخراج الإعلان (Advertisement Production, Production publicitaire)
كلمة الإخراج مصدر للفعل أخرجَ، يُخرج، إخراجًا، فهو مخرِج(10)، وإعلان اسم مصدر للفعل أَعلَنَ يُعلن إعلانًا، وأعلن الأمر أي أظهره وجهر به. والإعلان: إظهار الشيء بالنشر عنه في الصحف ونحوها. وأخرجَ الكتابَ: أصدره، طبعه ونشره. وأخرجَ المسرحية: أظهرها بوسائله الفنية على المسرح، أو الشاشة(11). ويستدل من ذلك أخرجَ الإعلان: صيَّره إلى حيِّز العمل: أظهره، بمعنى حقَّق ونفَّذ.
وفي اللغة الإنكليزية فإن كلمة إعلان (Advertisement) مشتقة من الفعل اللاتيني في العصور الوسطى (Advert)، ويعني توجيه انتباه المرء. ويُعرِّف قاموس كامبريدج كلمة (Advertisement) بـ”صورة، أو فيلم قصير، أو أغنية، وما إلى ذلك، تحاول إقناع الناس بشراء منتج أو خدمة”(12). وفي الفرنسية تفيد كلمة (Publicité) الدعاية، وهي مرادفة لكلمات التوزيع، والشهرة، والأثر، أما مفهومها فهو نشاط يهدف إلى التعريف بعلامة تجارية، وتشجيع الجمهور على شراء منتج، واستخدام هذه الخدمة، وما إلى ذلك(13). ويشير معنى كلمة (Production) إلى التصنيع والإنتاج، وهي مقتبسة من الإنكليزية(14). وتُعرِّف روبن لاندا (Robin Landa) الإعلان بـ”رسالة معينة مصممة للإعلام أو الإقناع أو الترويج أو الاستثارة أو تحفيز الناس نيابةً عن إحدى العلامات التجارية أو الجماعات”(15).
والإعلان هو عبارة عن اتصال غير شخصي لنقل المعلومات إلى الجمهور حول سلعة أو خدمة أو منتج ما من خلال وسيلة اتصال (صحف، إذاعة، تليفزيون، ويب) مدفوعة الثمن، والذي يُعد من الناحية الفنية أشكالًا فنية مرئية مهمة لجذب اهتمام الجمهور. كما يهتم المعلنون بإخراج الإعلان بطريقة إبداعية لزيادة مردوده المالي للمعلنين، ويخضع الإعلان لعملية إخراجية فنية في التصميم والتنفيذ.
ويرتبط تطور مفهوم إخراج الإعلان بتاريخ تطور استخدام الإعلان، وجاءت الخطوة الأولى نحو تطور إخراج الإعلان الحديث مع تطور الطباعة في القرنين، الخامس عشر والسادس عشر. وبدأت الصحف الأسبوعية الصادرة في لندن خلال القرن السابع عشر في نشر الإعلانات. وبحلول القرن الثامن عشر، كانت هذه الإعلانات مزدهرة بعد تطور فنون إخراجها(16). وفي ظل توسع الاقتصاد والتجارة خلال القرن التاسع عشر، نمت الحاجة إلى الإعلان تدريجيًّا، وتحوَّل إخراج الإعلان إلى أساليب أكثر تطورًا. وتمَّ استخدام تقنيات بصرية جديدة في محتوى وشكل الرسالة الإعلانية. وبعد ذلك بدأ إخراج الإعلانات يظهر بأشكال متنوعة، ووسائط متعددة: مطبوعة، أفلام، راديو، تليفزيون، وغيرها(17). وشهدت خمسينات وستينات القرن العشرين ثورة إبداعية في تصميم وإخراج الإعلانات(18). وفي القرن الحادي والعشرين، حدث تغير كبير في صناعة تصميم وإخراج الإعلان التفاعلي لمواكبة التسويق عبر الهاتف المحمول والمنصات الرقمية، وأهمها شبكات التواصل الاجتماعي.
ويشير مصطلح إخراج الإعلان إلى العملية التي تهدف إلى تخطيط وتحرير وتصميم وتنفيذ وإنتاج رسالة إعلانية بناء على فكرة ابتكارية مبدعة تعمل على جذب انتباه المتلقي وإثارة اهتمامه. وقد أصبحت صناعة الإعلان تعتمد بشكل أساسي على عملية الإخراج التي يتولاها فريق من المبدعين والمحررين والمصممين الذين يأخذون على عاتقهم ابتكار الفكرة الإعلانية، وتكوين الصورة الذهنية التي يتم ترجمتها بعد ذلك إلى رسالة اتصالية بمكوناتها المختلفة؛ إذ يتم ترتيب أجزائها وعناصرها بكفاءة داخل إطار محدد تحقق فعالية الإعلان. وبالإضافة إلى “الفريق الإبداعي المكون من المخرج وكاتب الإعلانات والمصمم، يعتمد إخراج الإعلان على محترفين آخرين، مثل المبرمجين والمصممين التفاعليين والمواهب من الموسيقيين والمصورين والرسامين”(19). وتختلف الطريقة الإخراجية للإعلان تبعًا لوسيلة النشر، فلكل وسيلة نشر مزايا وخصائص تختلف عن الوسيلة الأخرى؛ مما يجعل إخراج الإعلان في الصحيفة المطبوعة والمجلة يختلف عن إخراج الإعلان للبث التليفزيوني أو الإذاعي، أو للهاتف المحمول والمنصات الرقمية. وهناك أساليب متعددة لإخراج الإعلانات في وسائل الاعلام أهمها ما يعتمد على وضع إعلان مجاور لمادة التحرير، أو أسلوب الإخراج الذي يعتمد على الإعلانات التي تُقرَأ وتُشاهَد أينما وُضعت لزيادة جماليتها.
الإخراج الإعلاني الرقمي (Digital Advertising Production, Réalisation de publicité numérique)
يرتبط مفهوم إخراج الإعلان الرقمي بطريقة التسويق الأساسية التي يُبَث بها محتوى الإعلان، وهي المنصات الرقمية عبر الإنترنت بأنواعها المختلفة، وأبرزها شبكات التواصل الاجتماعي التي ساعدت على انتشاره إلى جمهور واسع وشبكة مستخدمين ممتدة بسرعة وسهولة وبتكلفة أقل. ويستفيد هذا النمط من الخصائص المميزة للإعلان الرقمي التي تشمل تنسيقات الوسائط المتعددة، مثل: النصوص، والصور، والصوت، والفيديو، لجذب اهتمام الجمهور بالشكل الظاهري للإعلان، فضلًا عن توظيف البرمجيات الحاسوبية في أساليب التصميم والنشر وقياس مستوى تفاعل الجمهور مع الإعلان، واستخدام وصلات التفاعل التي تُتيح التفاعل المتبادل والفوري بين المسوقين والمستهلكين(20).
ويشير مصطلح إخراج الإعلان الرقمي إلى عملية تحرير وتصميم وتنفيذ وإنتاج الإعلان باستخدام برمجيات حاسوبية. فالفكرة الابتكارية المبدعة تتحوَّل إلى نص وصوت وصورة (فيديو) لجذب انتباه المستهلكين، وإثارة اهتمامهم. وتتم عملية إخراج الإعلان الرقمي من قِبَل المخرج وفريق من المحررين والمصممين، ويعتمد أيضًا على مبرمجين متخصصين في هندسة البرمجيات لتصميم وتفعيل روابط أدوات التفاعل المباشر مع الإعلان عبر شبكة الإنترنت والمنصات الرقمية. ويتم في عملية إخراج الإعلان الرقمي ترجمة الأفكار والأصول الإبداعية (الصور والنصوص والتطبيقات التفاعلية) إلى مجموعة من الوسائط الرقمية، مثل: مواقع الويب، وتطبيقات الوسائط المتعددة، ورسائل البريد الإلكتروني، وتطبيقات الهاتف المحمول، وشبكات التواصل الاجتماعي؛ إذ يتم تسليم الرسائل الصحيحة عبر القناة الصحيحة في الوقت المناسب إلى المستخدمين المناسبين.
وتزايد الاهتمام بإخراج وتصميم الإعلان الرقمي بعد نجاحه منذ إصدار أول إعلان بانر (أو إعلانات الراية) في عام 1994، لأنه يمثِّل سوقًا عالميًّا ذات أبعاد مذهلة، ويمنح المعلنين فرصًا كبيرة لاستهداف المستهلكين المحتملين بإعلانات مخصصة وفي الوقت المناسب(21). ومن المتوقع أن ترتفع السوق العالمية للإعلان الرقمي من 628.8 مليارات دولار في عام 2022 لتصل إلى 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2027، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 14.7% من عام 2022 حتى عام 2027(22).
الإخراج التليفزيوني (Television Directing, Réalisation de télévision)
يتكون مصطلح الإخراج التليفزيوني من مفردتين، هما: الإخراج والتليفزيوني. وكما سبق ذكره، فإن الإخراج مصدر الفعل أَخْرَجَ، وأخرجَ الشيء يعني أبرزه وأظهره، والتليفزيوني كلمة أصلها الاسم تليفزيون، وهو جهاز لاستقبال الصور والأصوات المذاعة بالأمواج الكهرومغناطيسية(23). وعُرِّبَت كلمة التليفزيون عن الإنكليزية (Television) بصورة تلفاز بالكسر على وزن تِفْعال. ويُشتق منها فعل، فيقال: تَلْفَزَ يُتَلْفِزُ تَلْفَزَةً، وحديث مُتَلْفَزٌ. وفي اللغة الفرنسية، فإن كلمة (Télévision) مركَّبة من الكلمة اليونانية (Tele) بمعنى عن بُعد، ومن الكلمة الفرنسية (Vision) بمعنى الرؤية(24). ومعنى كلمة (Directing) في الإنكليزية: التوجيه، الإرشاد، الإشراف، التحريك، التسيير، التصويب، وهي مشتقة من الفعل (Direct)، ومعناه: يُخْرج، يُوجه، يدير، يرشد، يقود. ومن مرادفات كلمة (Directing) الكلمة (Production) وتعني الإنتاج. ويرادف الإخراج التليفزيوني في الفرنسية مصطلح (Réalisation de télévision) بمعنى العمل على إعداد وتنفيذ وإخراج فيلم أو برنامج تليفزيوني لضمان عرضه، وتحقيق شيء ما، ونقله من مرحلة التصور إلى مرحلة الشيء الموجود(25).
وتطور مفهوم الإخراج التليفزيوني وأساليبه بالاستفادة من تقنيات المسرح والسينما والإذاعة التي سبقت ظهور التليفزيون، وبذلك تبلورت للإخراج التليفزيوني أساليب خاصة تُعد مزيجًا من الإخراج المسرحي والسينمائي والإذاعي، أي إنه يمثِّل خلاصة تجارب ميدانية انتقلت إليه من مجالات أخرى، إضافة إلى حصيلة تجارب المخرجين في التعامل مع الإنتاج التليفزيوني. وقد ساعدت تكنولوجيا النظم الرقمية وأجهزة الإضاءة والتصوير والتسجيل والتوليف والمزج والمعدات الحديثة بشكل كبير في تطور تقنيات الإخراج التليفزيوني(26).
ويُعرَّف الإخراج التليفزيوني بمجموعة من الخطوات التي تؤدي إلى ترجمة أفكار وتصورات ذهنية إلى صور وصوت مسجل يمكن أن تكون برنامجًا أو حصة تليفزيونية متكاملة تلقى استحسان المشاهد. كما يُعرَّف الإخراج التليفزيوني بمجموعة من الأساليب الفنية والإبداعية المستخدمة في تنفيذ البرنامج، أو العمل التليفزيوني، وإخراجه إلى حيز الوجود. ويُقسَّم الإخراج التليفزيوني إلى قسمين: أولهما الإخراج المباشر، وهو ما يتعلق بالمواد المذاعة على الهواء مباشرة، مثل: نشرات الأخبار، والبرامج الحوارية، والنقل المباشر للفعاليات الرياضية وغيرها من الأنشطة الأخرى. وثانيهما الإخراج غير المباشر، ويتم فيه تسجيل فقرات البرامج ثم إخضاعها لعملية المونتاج، مثل: الدراما والمسلسلات(27).
والإخراج التليفزيوني وظيفة تعتمد على أربعة عناصر أساسية هي: التواصل، والإشراف، والتحفيز، والقيادة، لإنجاز العمل التليفزيوني. إنها عملية مستمرة تستند إلى التخطيط والتنظيم لتحقيق الأهداف المحددة، وضمان جودة الأداء والتنفيذ والإنتاج. ويمثِّل الإخراج التليفزيوني مرحلة رئيسة من مراحل الإنتاج الفني المرئي والمسموع. وهو عملية يتم فيها ضبط وإدارة عمليات النص والحوار والتصوير والتسجيل، واستطلاع أماكن تصوير المشاهد، ويتطلب الإبداع في تحويل نص مكتوب إلى مشاهد سمعية بصرية تشغل حيزًا زمنيًّا محددًا على شاشة التليفزيون بما يتلاءم مع اهتمامات المشاهدين. ويتولى المخرج إدارة هذا العمل من حيث التوجيه والإدارة(28).
ويتكون فريق الإخراج التليفزيوني من المخرج ومساعديه، والمذيع، ومدير التصوير، وتقنيي الصوت، ومسؤول الإضاءة، ومسؤول الديكور، ومسؤولي التجميل؛ إذ يتعاون الجميع من أجل إخراج عمل يحظى برضا المشاهدين. ويُعد المخرج التليفزيوني هو المسؤول عن الأنشطة المتعلقة بتنفيذ وإنتاج برنامج تليفزيوني، واتخاذ القرارات الإبداعية لتنفيذ العرض، فضلًا عن توليد الأفكار الخاصة بكتابة النصوص، والتخطيط للتصوير، وتوجيه العاملين في الموقع، والمقدمين والمشاركين، والعمل مع المحررين لتجميع المنتج النهائي. ويختلف عمل المخرج التليفزيوني بشكل كبير حسب طبيعة البرنامج، وطريقة عمل شركة الإنتاج، سواء كان البرنامج واقعيًّا أو دراميًّا، أو كان بثًّا مباشرًا أو مسجلًا.
الإخراج السينمائي (Film directing, Réalisation de films)
يتكون مصطلح الإخراج السينمائي من مفردتين، هما: الإخراج والسينمائي، والإخراج مصدر الفعل أَخْرَجَ، وأخرجَ الشَّيءَ يعني أبرزه وأظهره، والسينمائي اسم منسوب إلى السينما، وهي فن إنتاج وإخراج الأفلام التي تُعرض على الشاشة البيضاء(29). والإخراج السينمائي هو فن إدارة الفيلم السينمائي من الجوانب الفنية والتقنية والجمالية. وتشمل العملية الإبداعية لإخراج الفيلم السينمائي مرحلة التحضير المسبق، وهي: اختيار السيناريو، والممثلين، وتحديد مواقع وفضاءات التصوير، وإنجاز المتطلبات اللازمة التي تسبق مرحلة التصوير. ومن ثم إدارة الجوانب الفنية والتقنية المرتبطة بمكونات الفيلم أثناء التصوير وبعده، وصولًا إلى اختيار المتتاليات واللقطات المصورة المنجزة في عملية المونتاج التي تُعد إجراء فنيًّا وإبداعيًّا أساسيًّا في الإخراج السينمائي.
ويُعد المخرج السينمائي هو المسؤول الأول عن مراحل تنفيذ الفيلم منذ أن كان فكرة أو سيناريوهًا أوليًّا، وحتى عرضه على الشاشة. وهو المسؤول عن اتخاذ القرارات الخلاقة أثناء صناعة الفيلم، وتوجيه الممثلين، ومدير التصوير، وفني الصوت، ومصمم الأزياء، وبقية طاقم العمل السينمائي. وينبغي أن يمتلك المخرج السينمائي القدرة والكفاءة والإلمام بالتقنيات السينمائية وما يرتبط بفن التصوير ومبادئه، ونظم اللقطات وأنواعها ووظائفها، والإضاءة، وتقنيات فن المونتاج وغيرها، ومعرفة كيفية استثمارها في العملية الإبداعية للفيلم، وتشكيل الخطاب السينمائي وتضمينه بالدلالات والإيحاءات والرموز. ويمثِّل الإخراج السينمائي رؤية فنية، وتصورًا إبداعيًّا للخطاب البصري، يعمل المخرج على صياغته بوساطة الفكر المرجعي للثقافة الفنية والتقنية بهدف خلق آفاق حسية وشعورية لدى المشاهد(30).
وتُنسب أول عملية إخراج فيلم سينمائي إلى الأخوين الفرنسيين، أوغست لوميير (Auguste Lumière) ولويس لوميير (Louis Lumière). ففي العام 1895، أنتج الأخوان لوميير أول فيلم من تصويرهما، وهو “خروج العمال من المصنع”، ثم فيلمًا قصيرًا آخر بعنوان: “وصول القطار إلى المحطة”، بالإضافة إلى أفلام أخرى. وبالرغم من افتقار أفلام الأخوين لوميير للمضامين الفكرية إلا أنهما تركا شعبية كبيرة بوصفهما يمثِّلان بداية لتأريخ الفن السينمائي(31).
الإخراج الصحفي (Conception de journaux Journalism Design,)
الإخراج الصحفي مصطلح مشتق من الفعل أخرجَ، يُخرج، إخراجًا، والصحفي اسم منسوب إلى صحيفة(32). ويستدل به هنا بمعنى أخرجَ الصحيفة أظهرها، أي صممها، ووضب محتوياتها. أما في اللغة الإنكليزية فقد تباينت تسميات الممارسين والباحثين للإخراج الصحفي بين تصميم الصحيفة (Design)، وتوضيب الصحيفة (Layout)، وتقسيم الصحيفة (Mise en page) وتخطيط الصحيفة (Planning & Makeup)(33). وتدل معاني جميع هذه المصطلحات على تصميم الصحيفة. وفي الفرنسية، يشير المصطلح (Conception de journaux) إلى كلمة (Conception) المنقولة عن اللاتينية وتعني تصميم، ومرادفاتها: تكوين، وإنشاء، وتفصيل. وكلمة (de journaux) وترجمتها الصحف(34). ويُعد مصطلح تصميم الصحيفة الأكثر شيوعًا في اللغة العربية بين المهنيين والصحفيين، ويتقارب مع المصطلح الفرنسي والإنكليزي أيضًا.
لم يشهد الإخراج الصحفي تطورًا في البداية، فقد كانت الصحف في نشأتها الأولى تفتقر إلى الإمكانات التقنية، ومجرد نشرات تجارية موجهة إلى جمهور خاص. وكانت العملية مماثلة تمامًا للنظم المتبعة في إخراج الكتب؛ إذ كان يُطلق على الصحف حينها كتب الأخبار، ولم يكن غريبًا أن تظهر الصحف بمظهر الكتب من حيث الإخراج والتبويب وطريقة الطبع وأسلوب الكتابة والتحرير(35). وفي أواخر القرن السابع عشر حدثت تطورات مهمة وتحسينات كبيرة في صناعة الصحافة. فقد تقدمت صناعة ماكينات الطباعة، وصناعة الحبر والورق تقدمًا كبيرًا، وأُدخِلت أساليب حديثة في مجالات التوضيب والتصوير والنقل والتوزيع. وأدى ذلك إلى ازدياد سرعة تواتر الأنباء. وفي أواخر القرن الثامن عشر ومع بداية الثورة الصناعية في أوروبا، وُلدت الصحافة الشعبية التي اهتمت بالأخبار الخفيفة، والحوادث الطريفة، والمواضيع المثيرة إلى جانب اهتمامها بالنواحي السياسية والاقتصادية الجادة. ولجذب اهتمام أكبر عدد من القراء، استخدمت الصحافة الشعبية أساليب جديدة في الإخراج تتماشى مع مضمونها المتنوع. وبدأت صحيفة “وورلد” (World) في نشر العناوين الكبيرة (المانشيت) والصور والرسوم بعد اختراع وسائل الحفر على المطاط ثم على المعدن. وفي 1914، نجحت صحيفة “ديلي ميرور” (Daily Mirror) في تطبيق فن الإخراج الصحفي الحديث، وظلت طريقتها تمثِّل الطابع العام لفن الإخراج حتى سنة 1933؛ إذ اعتمدت صحيفة “ديلي إكسبرس” (Daily Express) طريقة جديدة تتحرر من نظام الأعمدة. ولأول مرة في تاريخ فن الإخراج الصحفي يُنظر إلى الصفحة في الصحيفة باعتبارها لوحة بيضاء يعرض عليها من المواد الصحفية ما يشاء دون التقيد بالأعمدة. وأصبح المجال واسعًا أمام المخرج والمصور لإخراج الصحيفة بصورة جذابة تغري القارئ بشرائها واقتنائها(36).
وشهدت ستينات القرن العشرين بدء استخدام أجهزة الحاسوب في تصميم الصحيفة. وفي العقد الأخير من القرن العشرين شهدت المجالات المختلفة للإخراج الصحفي قفزات سريعة بصورة لم تكن معهودة، مما أسهم في تطور فن الإخراج الصحفي في الصحافة المطبوعة والصحافة الرقمية، اعتمادًا على برمجيات التصميم المتنوعة. وشهد الإخراج الصحفي تطورًا جديدًا تتحكم فيه التكنولوجيا الرقمية في مختلف مراحله بدءًا من إعداد المادة التحريرية وتنضيدها مرورًا بتصميم الصفحات وإخراجها. ووفقًا لهذه التقنية الرقمية الجديدة للإنتاج الرقمي للصحف تمَّ إنتاج تصاميم ذات جودة عالية ودقة ومرونة؛ إذ تقوم فكرة الإنتاج الرقمي للصحيفة على أساس التجميع الكامل لعناصر الصفحات من نصوص وصور ورسوم وإعلانات، وغيرها من العناصر البنائية، على شاشة حاسوب واحد يضم المراحل الإنتاجية كلها، أو على مجموعة من الحاسبات المرتبطة معًا من خلال شبكة إنتاجية واحدة(37).
ويتلخص مفهوم الإخراج الصحفي بأنه علم وفن يختص بتحويل المادة الصحفية المكتوبة إلى مادة مطبوعة قابلة للقراءة، وبتوزيع وحدات الطباعة (حروف، عناوين، نصوص، صور، أشكال بيانية، إنفوغرافيك، خرائط، رسوم بيانية…)، والقيام بترتيبها واختيار الألوان المناسبة لجذب القراء بناء على خطة مدروسة ووفق إرشادات معينة بناء على سياسة الصحيفة. كما يعتبر الإخراج الصحفي العملية التي يتم خلالها عرض المضمون الصحفي بأشكاله المتعددة -بعد التحرير- وتقديمه إلى القارئ بشكل مميز وجذاب. وتشمل هذه العملية جانبين: الأول: وهو التصميم الأساسي أو المظهر العام للصحيفة، ولكل الصفحات كمكونات جزئية بعضها ثابت، والآخر متغير، وتتضمن الترويسة وعناوين الأبواب والأركان الثابتة والمتخصصة ورسوماتها التي تضفي على الصحيفة شكلها وهويتها المميزة. والثاني: وهو توضيب هذه الصفحات أو توزيع المادة الصحفية عليها شاملة العناوين، والصور والرسوم والأشكال والمتن التحريري. كما يشمل التوضيب تحديد موقع كل موضوع من الموضوعات الصحفية وحجمه والصور والرسوم المصاحبة له ووسائل الإبراز المختلفة ومنها الطبوغرافية (الطباعية)(38).
ويقوم الإخراج الصحفي على أربعة أسس، هي: الأسس الصحفية التي تتصل بتقويم الأخبار والموضوعات ومواد النشر، واختيار ما يهم الجمهور منها، والأسس النفسية، وتتصل بمعرفة اتجاهات الرأي العام، وأذواق القراء، وعادات القراءة، وتأثير الألوان فيهم. وهناك الأسس الفيزيولوجية، وهي تتصل بقوانين الرؤية، وحركات العين ومدى استيعابها، وظروف التعرض للضوء. وثمة الأسس الفنية التي تهدف إلى تحقيق التوازن، والإيقاع والوضوح وسهولة القراءة وتوفير الحيوية والجاذبية والجمال(39). ولكل صحيفة سياسة إخراجية متفق عليها، وتتم عملية الإخراج الصحفي، أو تصميم الصحيفة، بإشراف رئيس التحرير، أو أحد مساعديه، أو محرر مسؤول يُسمَّى محرر الإخراج، أو المدير الفني، أو سكرتير التحرير الفني.
وللمخرج الصحفي دور حاسم في التأثير على الاتجاه الإخراجي بالصحيفة، وذلك من خلال استخدامه لعناصر طبوغرافية وغرافيكية معينة تساعد على إبراز خبر معين بشكل واضح. وفى المقابل، قد يعتمد عدم استخدام مثل تلك العناصر في خبر آخر مساو للخبر الأول في الأهمية؛ إذ يظهر في شكل هامشي وغير لافت للانتباه.
الإخراج الصحفي الرقمي (Digital Journalism Design, Conception de journalisme numérique)
شهدت صناعة الصحافة في العقد الأخير من القرن العشرين تطورًا كبيرًا بظهور الصحافة الرقمية، وبداية مرحلة جديدة تتحكم فيها التقنية الرقمية بمختلف عمليات الإنتاج الصحفي بدءًا من إعداد المادة التحريرية، وتصميم الصفحات، وإخراجها إلى النشر على شبكة الإنترنت وفق نظام جديد للإنتاج الرقمي للصحف، يقوم على أساس التجميع الكامل لعناصر الصفحات من نصوص وصور ورسوم وإعلانات وغيرها من العناصر البنائية على شاشة حاسوب واحد يضم المراحل الإنتاجية كلها(40).
والإخراج الصحفي الرقمي هو العملية الفنية التي تبدأ بعد اكتمال عملية التحرير الصحفي، وتشمل توزيع المواد التحريرية على الصفحة الرئيسة، والصفحات الفرعية حسب قواعد فنية للتصميم تراعي الأهمية النسبية للموضوعات، وصولًا إلى إخراج شكل فني مميز للصحيفة الرقمية تتوافر فيه عوامل الجذب، وسرعة وسهولة التجوال. وتستخدم في ذلك تطبيقات رقمية خاصة تشمل وصلات الارتباط المتشعبة والوسائط المتعددة، وروابط ووصلات التفاعل التي تتيح للمتلقي إبداء الإعجاب والتعليق، والنقاش ومشاركة المنشور مع الآخرين.
ومن المبادئ الأساسية للإخراج الصحفي الرقمي هناك التوزان وتناسب النصوص والصور مع بقية أجزاء الصفحة، وانسيابية التنقل من عنصر إلى آخر بسهولة، وتنظيم بنية العناصر في شكل هرمي يتناسب مع مستوى أهميتها، واختيار الألوان المناسبة. ويتسم إخراج الصحف الرقمية بخصائص لا تتوافر في إخراج الصحف المطبوعة، من أهمها: المساحة غير المحدودة والمرونة في نشر المحتوى، فتصميم الصحيفة الرقمية غير محدد بعدد الصفحات ومساحتها المحددة، كما في الصحف المطبوعة(41).
ويهدف الإخراج الصحفي الرقمي إلى تحقيق العديد من الأبعاد الاتصالية للمضامين المقدمة، وتتمثَّل هذه الأبعاد في إضافة معان للرسالة الإعلامية إلى جانب البعد التفاعلي الذي يُعد السمة المميزة للصحف الرقمية. كما يوفر الوسائط المتعددة لدعم المعاني التي تحملها الموضوعات المنشورة، ولاسيما صور الفيديو، والروابط التفاعلية التي تُمكِّن القارئ من التفاعل مع تلك النصوص؛ إذ لها قدرة الاستحواذ على المدارك السمعية والبصرية للمستقبل(42).
ويعتبر الإخراج الصحفي الرقمي امتدادًا للإخراج الصحفي التقليدي الطباعي، لكنه يختلف عنه بتوظيف تكنولوجيا النظم الرقمية، والحواسيب وبرمجياتها في إخراج وتصميم الصحف الرقمية. ويعتمد مخرجو هذه الصحف على نفس مبادئ التصميم والإخراج كما هي الحال في الإخراج الطباعي، مثل: التوازن، والتباين، والإيقاع، والاستمرارية، والحركية وغيرها من المبادئ الأخرى، إضافة إلى اعتمادهم على عناصر مشتركة بين النوعين من الإخراج كالمتن، والصور، والمساحة البيضاء، والفواصل والإطارات، لإخراج صحيفة تتسم بتصميم مرئي جذاب وممتع يراعي توزيع عناصر التصميم بشكل مدروس ويتضمن الوسائط المتعددة وروابط التفاعل السهلة الاستخدام التي تهدف إلى زيادة درجة تفاعلية المستخدم مع واجهة تصميم الصحيفة الرقمية، وتحقيق أهداف القائم بالاتصال في التأثير على القارئ(43).
الإخراج الطباعي (Print Production, Production d’impression)
الإخراج الطباعي هو عملية تصميم طباعة الكلمات، والصور، والرسوم، والأشكال، ومختلف التصميمات فوق الورق، أو النسيج أو المعادن، أو أي مواد أخرى ملائمة للطبع فوقها. وهذا يُطلق عليه في اللغة الإنكليزية فن الغرافيك (الفنون التخطيطية) (Graphic Arts)(44). ويعتمد الإخراج الطباعي على فكرة الشراكة بين المصمم أو شركة التصميم التي تضع الأفكار الأساسية للتصميم، وفنيي الطباعة الذين يقومون بإنشاء عمل فني أو رعاية الأعمال الفنية التي يقدمها منشئو المحتوى الآخرون، وذلك بإنشاء ملفات التخطيط عبر برنامج “إليستريتور” (Illustrator) أو برنامج “إنديزاين” (InDesign) أو برنامج “كوارك إكسبريس” (QuarkXPress)، وبعد ذلك يقومون بتسليم الملفات الجاهزة للطباعة إلى المطبعة.
ويتلخص مفهوم الإخراج الطباعي في تصميم وإنشاء ملفات تُطبع وتُطوى وتُقطع بشكل صحيح؛ إذ يقوم المصمم الذي يتمتع بخبرة جيدة في متطلبات الطباعة بوضع التصاميم الجذابة والمبتكرة لعملية تصنيع الطباعة. وتشمل عملية الإنتاج الطباعي ثلاث مراحل، هي مرحلة ما قبل الطباعة، ومرحلة الطباعة، ومرحلة ما بعد الطباعة(45).
لقد شكَّل اختراع الطباعة وتطور وسائلها أساسًا متينًا للثورة المعرفية وتقدم حركة البحث العلمي، وتجسير عملية الاتصال والتواصل الحضاري بين المجتمعات. وقد تطور الإخراج الطباعي على مر الزمن مع تطور وسائل وأساليب الطباعة. فقد تطور من استخدام نقوش بتصاميم بدائية بسيطة إلى تصاميم أكثر دقة وإبداعًا باستخدام التقنيات الرقمية في الإخراج والتصميم الطباعي؛ إذ تقوم معظم برامج التطبيقات الحاسوبية بدور الإعداد الطباعي والتصميم، والإخراج والنشر. ومن أهم برامج النشر المطبوع، “كوارك إكسبريس” (QuarkXPress)، و”أدوبي بيج ميكر” (Adobe Page Maker)، و”أدوبي فريم ميكر” (Adobe Frame Maker)، و”كوريل فنتورا” (Corel Ventura)، و”أدوبي إنديزاين” (Adobe InDesign) الذي يُعد أحد أبرز برامج التطبيقات الصحفية المعتمدة في الكثير من دور النشر الصحفي، إضافة إلى برامج أخرى(46).
الإخراج الفني للمجلات (Art Directing for Magazine, Direction artistique pour magazine)
يتكوَّن مصطلح إخراج المجلات من مفردتين، هما: الإخراج والمجلات، ويستدل من ذلك لغةً أخرجَ المجلة: صيَّرها وأظهرها تصميمًا وتنفيذًا وإنتاجًا. ويعود أصل كلمة مجلة (Magazine) باللغة الإنكليزية إلى الكلمة الفرنسية (Magazine) المأخوذة عن الكلمة العربية مخزن(47). ويفيد قاموس كامبريدج أن المجلة “نوع من الكتب الرفيعة ذات الصفحات الكبيرة والغلاف الورقي التي تحتوي على المقالات والصور، وتنشر دوريًّا كل أسبوع أو شهر”(48). والإخراج الفني للمجلات هو فن عرض المضمون الصحفي (نص، صورة، رسم، شكل.. إلخ)، طبقًا لأسس إخراجية تشمل تصميم صفحات المجلة وتبويبها، وتوزيع المادة التحريرية (المضمون الصحفي) بهدف تسهيل القراءة، وعرض المادة التحريرية بطريقة مبتكرة وجذابة للتأثير في القارئ(49). لذلك يُطلق على المدير الفني للمجلة تسمية المدير الإبداعي؛ لأنه المسؤول الرئيس عن التصميم المرئي والتخطيط لإنتاج المجلة.
ويمتاز الإخراج الفني للمجلات بسماته المتفردة وموضوعاته المتنوعة، نظرًا لتعدد الأبواب والزوايا التي تشتمل عليها المجلة، وآلية استخدام العناصر الطبوغرافية، واستخدامها الألوان على نطاق واسع التي تفرض اتباع أساليب خاصة في تصميم صفحاتها المختلفة وإخراجها، فضلًا عن الآلية الخاصة بتصميم غلافها. إن عملية الإخراج الفني للمجلات لا تختلف كثيرًا عن عملية إخراج الصحف لكن المجلات تحرص على اتباع أسلوب إخراجي مميز.
ويُقسِّم الباحثون مبادئ الإخراج الفني للمجلات تبعًا لطبيعتها إلى ما يصطلح عليه بـ(3F)، ويقصد بها الأحرف الإنكليزية الأولى لكلمات (Format)، وتعني القياسات والحجم، و(Frame) التي تعني الإطار، و(Function) التي تعني الوظيفة. أما القياسات الشائعة الاستخدام في إخراج المجلات فهي قياس (A1) الذي يساوي (594X 841) ملم، وقياس (707X 1000) ملم، إضافة إلى قياسات أخرى، وتشمل أيضًا تقسيم الصفحة إلى أعمدة. ويقصد بالأطر تلك التصميمات التي توضع على الهوامش لتبويب المجلة، وكذلك التي تحيط بالأعمدة. وتتمثل الوظيفة في تحقيق عملية جذب الانتباه والاهتمام بأذواق القراء ورغباتهم وعادات المطالعة لديهم(50). ويُعد غلاف المجلة واجهة الجذب الأساسية؛ لأنه يحمل أهم ما تحتوي عليه من موضوعات، لذلك فإن تصميم غلاف المجلة وإخراجه يجب أن يحظى بعناية خاصة من قبل هيئة التحرير، ومن قبل المخرج الصحفي كذلك، نظرًا لأهميته في رفع مستوى رواج المجلة وتوزيعها.
الإدارة الإعلامية للأزمات (Media Management of Crises, Gestion médiatique des crises)
الأزمة لغةً اسم، وتعني شدة وضيق، مشكلة أزمة مالية، أو سياسية أو دولية، وجمعها أزمات(51). وفي الإنكليزية (Crise) وتعني أزمة، أو لحظة خطر، وضغط، أو حالة من الاضطراب. أما (Crisis Management) فتعني الإجراءات التي يتم اتخاذها للتعامل مع الحالة الطارئة أو الصعبة بطريقة منظمة(52). وفي الفرنسية كلمة (Crise) مشتقة من اللاتينية، ومفادها لحظة صعبة للغاية في حياة شخص ما، أو مجموعة، أو في تقدم نشاط ما، وما إلى ذلك، أو فترة أو وضع يتسم باضطراب عميق، واختلال التوازن بين الإنتاج والاستهلاك الذي يتسم بضعف الطلب والإفلاس والبطالة(53). وتعني الأزمة اصطلاحًا موقفًا أو حدثًا أو حالة أو حالة تخرج عن المألوف وتؤدي إلى تغيير التوازن الإستراتيجي القائم.
ومصطلح الأزمة قديم ترجع بداياته إلى الطب الإغريقي، ويُطلق للدلالة على حدوث تغيير جوهري ومفاجئ في جسم الإنسان؛ إذ شاع في القرن السادس عشر استخدامه في المعاجم الطبية. وتمَّ اقتباسه في القرن السابع عشر للدلالة على ارتفاع درجة توتر العلاقات بين الدولة والكنيسة. وبحلول القرن التاسع عشر تواتر استخدامها للدلالة على ظهور مشكلات خطيرة أو لحظات تحول فاصلة في تطور العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي عام 1937، عرَّفت دائرة المعارف والعلوم الاجتماعية البريطانية الأزمة بحدوث خلل خطير ومفاجئ في العلاقة بين العرض والطلب في السلع والخدمات ورؤوس الأموال. وبعد ذلك استُعمل المصطلح في مختلف فروع العلوم الإنسانية وبات يعني مجموعه الظروف والأحداث المفاجئة التي تنطوي على تهديد واضح للوضع الراهن المستقر في طبيعة الأشياء(54).
أما مصطلح إدارة الأزمات فقد نشأ في الأصل من الإدارة العامة، وذلك للإشارة إلى دور الدولة في مواجهة الكوارث العامة المفاجئة، ولكن ما لبث الأمر أن نما وتطور في مجال العلاقات الدولية ليشير إلى أسلوب إدارة السياسة الخارجية في مواجهة المواقف الدولية الساخنة ثم سرعان ما عاد اصطلاح إدارة الأزمات مرة أخرى إلى علم الإدارة. وكان ذلك حين استُخدم للتلويح بأسلوب جديد تبنَّته الأجهزة الحكومية، أو المنظمات العامة، لإنجاز مهام عاجلة أو لحل مأزق طارئ(55).
وتقوم وسائل الإعلام بدور محوري مهم في مواجهة مختلف الأزمات. ويشمل مفهوم الإدارة الإعلامية للأزمات سلسلة من الإجراءات والقرارات التي تهدف إلى السيطرة على الأزمة والحد من تفاقمها، وكذلك مجموعة من الإستراتيجيات والخطط المبنية على أسس علمية فضلًا عن الخبرات المستمدة من التجارب السابقة. وتتضمن الأساليب والنشاطات وأسس التغطية الإعلامية التي تهدف إلى توعية أفراد المجتمع للحد من الآثار السلبية للأزمات واحتوائها قبل استفحالها، وتقليل نسبة الخسائر الناجمة عنها.
وتتطلب الإدارة الإعلامية الناجحة للأزمات الاستجابة الفورية والسريعة للتعامل مع الأزمة، ونشر المعلومات عنها للحد من التفسيرات الخاطئة والشائعات، ومتابعة مضامين ما يُتداوَل عن الأزمة وتحليلها، وكذلك تضمين الرسائل الاتصالية الموجهة للجمهور دفقًا متواصلًا من المعلومات الدقيقة والصادقة للتخفيف من حدة آثار الأزمة ونتائجها(56).
إدارة الجودة الشاملة (Total Quality Management, Gestion de la qualité totale)
الإدارة لغة مصدر الفعل أدار، والجودة هي قدرة منتج أو خدمة أو عملية على تقديم القيمة المستهدفة منها. وتعني إدارة الجودة الشاملة تركيز المؤسسات على الجودة باعتبارها مجموعة خصائص في السلعة أو الخدمة تُضفي عليها أهلية إشباع الحاجات المعلنة والضمنية للزبائن، سعيًا لتحقيق نجاح لمدة طويلة وتوفير مزايا من أجل جميع أفراد المؤسسة(57). وتمثِّل إدارة الجودة المنهجية المنظمة لضمان سير النشاطات التي تم التخطيط لها مسبقًا؛ إذ إنها الأسلوب الأمثل الذي يساعد على منع وتجنب المشكلات من خلال العمل على التحفيز وتشجيع النهج الإداري والتنظيمي الأمثل في الأداء باستخدام الموارد المادية والبشرية بكفاءة عالية(58).
وتُعرَّف إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات الإعلامية بـ”عملية إدارية إستراتيجية ترتكز على مجموعة من القيم تستمد طاقة حركتها من المعلومات التي تتمكن في إطارها من توظيف مواهب العاملين، واستثارة قدراتهم الفكرية في مختلف مستويات التنظيم على نحو إبداعي لتحقيق التحسين المستمر”(59). كما تُعرَّف إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات الإعلامية بـ”إستراتيجية متكاملة للتطوير المستمر، فهي مسؤولية جميع عناصر المؤسسة الإعلامية من صحفيين ومحررين ومديرين، ومبان وحواسيب إلكترونية وغيرها، ويجب مشاركة الجميع من قيادات إدارية وصحفيين في النجاح التنظيمي وتحقيق أهداف المؤسسة، فأي خلل سوف يؤثر في فرص التطوير والقدرة التنافسية”(60).
وتُعد إدارة الجودة في المؤسسات الإعلامية أسلوًبا وأداة لتطوير وتحسين الإنتاج طويل الأمد؛ إذ تُوجَّه كل الخطط الإنتاجية والتسويقية والمالية والإدارية بالاتجاه الذي يخدم البعد الإستراتيجي(61). وينظر إلى إدارة الجودة الشاملة أنها “نظام يتم من خلاله تفاعل المدخلات، وهي الأفراد والأساليب والسياسات والأجهزة لتحقيق مستوى عال من الجودة؛ إذ يقوم العاملون بالاشتراك بصورة فاعلة في العملية الإعلامية، والتركيز على التحسين المستمر لجودة المخرجات لإرضاء المستفيدين بسبب تزايد المنافسة في الأسواق”(62). وهو الأمر الذي يتطلب زيادة مهارات الإدارة في التجديد، والابتكار لتحقيق ميزة نسبية في الأسواق، إضافة إلى مواجهة التغيرات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية؛ الأمر الذي يُظهر أهمية التخطيط والتنبؤ بهذه التغيرات، ومواجهتها والتكيف معها.
الإدارة الصحفية (Press Management, Gestion de la presse)
الإدارة لغة مصدر الفعل أدار، وهي وظيفة تحقيق أهداف المؤسسة، والصحيفة ما يُكتب فيه من ورق ونحوه، ويُطلق على المكتوب فيها، والجمع صُحُف. والإدارة الصحفية في مصطلحات الإعلام هي وظيفة إدارة المؤسسة الصحفية لتحقيق أهدافها. والمؤسسة الصحفية هي المنشأة أو الهيئة التي تتولى إصدار الصحف أو الصحيفة. وتتخذ هذه الوحدة الاقتصادية الشكل القانوني وتختار الهيكل الإداري الذي يتلاءم مع طبيعة عملها(63).
وفي الإنكليزية، يراد بكلمة الإدارة (Management) ويقابلها أيضًا في المعنى كلمة (Administration)، لكن الفكر الإداري يفرق بين الاصطلاحين فالأول (Management) يُطلق على نشاط وجهود تنفيذ العمل على المستويين، التجاري والوظيفي، ويُسمَّى الإدارة التنفيذية. والثاني (Administration) نشاط إداري رفيع المستوى لإدارة المنظمة بأكملها، ويُسمَّى الإدارة التنظيمية(64). ويستدل من ذلك أن الإدارة الصحفية (Press Management) هي الإدارة التنفيذية التي تعمل على تحقيق أهداف المؤسسة وتتولى إدارة شؤون التحرير، والإعلانات، والتوزيع، لجذب الأموال إلى المؤسسة. وفي الفرنسية يشير المصطلح (Gestion de la presse) للإدارة الصحفية التنفيذية(65).
وقد تطور مفهوم الإدارة الصحفية في مطلع القرن العشرين بعد التحول الكبير في نمط الملكية الصحفية من الفردية إلى المتعددة، وبفعل تأثير عوامل، مثل: نشوء النظم الديمقراطية والثورة الصناعية، وانتشار التعليم المجاني، كل ذلك أسهم في تكوين جماهير ضخمة حوَّلت الصحافة من حرفة إلى صناعة تتطلب إدارة صحفية تمتلك القدرة على إدارة رؤوس الأموال الضخمة(66). وقد واجهت الإدارات الصحفية في مطلع القرن الحادي والعشرين تحديات كبيرة بسبب التحول نحو الصحافة الرقمية، وتراجع معدلات توزيع الصحف المطبوعة، وإيرادات إعلاناتها.
وتُصنَّف الإدارة الصحفية إلى ثلاثة أنواع، الأول: الهيئات التنفيذية، ويقصد بها الوحدات الإدارية المختصة في تحقيق الأغراض الأساسية، والثاني: الهيئات الاستشارية التي تقوم بإجراء الدراسات والبحوث، وتضم المستشارين والهيئات المساعدة التي تُسهِّل عمل المؤسسة. أما النوع الثالث فهو الهيئات الساندة. ويضم الهيكل التنظيمي للإدارة الصحفية إدارات تنفيذية رئيسة، مثل: إدارة التحرير، وإدارة الإعلانات، وإدارة التوزيع، وإدارة المطابع. ثم هناك إدارات ساندة أخرى، مثل: إدارة الشؤون المالية، وإدارة الشؤون الإدارية، وإدارة العاملين، وإدارة المخازن وغيرها. وهناك عوامل مؤثرة في اختيار طبيعة الهيكل التنظيمي لإدارة المؤسسة الصحفية الذي يختلف من مجتمع لآخر، ومن صحيفة لأخرى حسب حجم المؤسسة، وطبيعة نشاطها، وعدد الصحف الصادرة عنها. فالشكل التنظيمي الذي يصلح لصحيفة يومية قد لا يصلح لمجلة أسبوعية. وثمة لوائح إدارية تتضمن البنيان التنظيمي لكل مؤسسة صحفية، وتحدد السلطات والصلاحيات المخولة لكافة المستويات الإدارية، وأخرى تنظم شؤون العاملين(67).
إدارة الصحافة الرقمية (Digital Journalism Management, Gestion du journalisme numérique)
يستخدم في الدراسات العربية مصطلح الصحف الإلكترونية أو الصحافة الإلكترونية، أو مصطلح المواقع الإخبارية. والأدق توصيفها بالصحف الرقمية أو الصحافة الرقمية بدلًا من الصحف الإلكترونية، فتسمية وسائل الإعلام الإلكترونية أُطلقت بعد اختراع الراديو والتليفزيون، واستخدام طاقة الموجات الكهرومغناطيسية الإلكترونية في نقل الرسائل الإعلامية(68). أما المواقع الإخبارية، فالأدق تسميتها بالصحافة الرقمية أيضًا؛ لأن تلك المواقع تُصنَّف ضمن أدبيات البحث العلمي الأجنبية بالمنصات الرقمية نسبة إلى تكنولوجيا الاتصال الرقمي التي تعمل بموجبها، فضلًا عن ذلك تقوم بنشر ما تنشره الصحف الرقمية من أخبار وتقارير ومقالات وفنون صحفية أخرى. إن مصطلح الصحافة الرقمية (Digital Journalism) هو الأكثر شيوعًا واستخدامًا في أدبيات البحث العلمي الأجنبية في تخصص الإعلام.
لا تختلف أسس ومبادئ إدارة الصحافة الرقمية كثيرًا عن إدارة الصحافة المطبوعة، فهي الإدارة التنفيذية التي تعمل على تحقيق أهداف المؤسسة، وتتولى إدارة شؤون التحرير، والإعلانات، والاشتراكات، لتحقيق الأرباح. ويتباين الهيكل الإداري والتنظيمي بين صحيفة رقمية وأخرى، تبعًا لمستوى انتشارها وتخصصها. ونظرًا لأهمية ديمومة النشر على مدار الساعة لتحديث أخبار وتقارير ومنشورات الصحيفة الرقمية تعمل إدارات الصحف الرقمية على نظام المحرر المناوب، وتتمثَّل مهمة المحرر المناوب في التأكد من تغطية الأخبار بشكل صحيح، وإعدادها وفقًا للمعايير المنصوص عليها في المبادئ التوجيهية التحريرية للمؤسسة الإخبارية، ونشرها في الوقت المحدد(69).
أنشأت أغلب الصحف الرقمية الأجنبية التي تمثِّل امتدادًا لصحف مطبوعة إدارات خاصة تتولى مسؤولية نسختها الرقمية لمواجهة التحديات الكبيرة بسبب التحول نحو الصحافة الرقمية، وتراجع معدلات توزيع الصحف المطبوعة، وإيرادات إعلاناتها لصالح الصحافة الرقمية. لذلك، عزَّزت الصحف الرقمية العالمية الكبرى، مثل: “نيويورك تايمز” (The New York Times) هيكلها الإداري والتنظيمي بتعيين نائب رئيس للإبداع ليرأس فريقًا من ستة مديرين ومساعدين(70). وهو ما جعل الصحيفة تحقق إيرادات من الاشتراكات في نسختها الرقمية بلغت 979 مليون دولار في عام 2022(71)؛ إذ تبلغ قيمة الاشتراك الشهري للصحيفة 17 دولارًا. أما إدارة الصحف الرقمية العربية فلا تزال تواجه تحديات كبيرة أهمها قلة إيرادات التشغيل والتمويل بسبب الافتقار للإستراتيجيات الإدارية والتنظيمية المناسبة.
الإدارة العلمية (Scientific Management, Gestion scientifique)
الإدارة لغة هي وظيفة تحقيق أهداف المؤسسة، والعلمية كلمة أصلها الاسم علمي في صورة مفرد مذكر وجذرها عِلم وجذعها علمي. والعلمية مذهب يرى الاكتفاء بالعلم من حيث قدرته على تحديد المعرفة(72). وفي الفرنسية (scientifique) صفة مشتقة من العلم، وهي لاتينية الأصل. أما في الإنكليزية فإن مصطلح الإدارة العلمية (Scientific Management) غالبًا ما يدل على نظرية الإدارة العلمية، وهي من بين أبرز نظريات الإدارة التي تعتمد الملاحظة، والتجريب، والتحليل لتقييم عمليات العمل، وتنظم سيره على أسس علمية بهدف تحسين الكفاءة الاقتصادية والإنتاجية. وتُعرَّف الإدارة العلمية باسم (التايلورية) نسبة إلى رائدها، فريدريك وينسلو تايلور (Frederick Winslow Taylor) (1856–1915)، الذي بدأ بتطوير النظرية في الولايات المتحدة خلال ثمانينات وتسعينات القرن التاسع عشر في الصناعات التحويلية، وخاصة الفولاذ. وجاءت ذروة نفوذ نظرية الإدارة العلمية في العقدين الأول والثاني من القرن العشرين؛ إذ أدى تطبيقها إلى تحسينات في الإنتاجية والكفاءة(73).
وعلى الرغم من قدم نظرية الإدارة العلمية إلا أنها تُعد مدرسة فكرية ونظرية متميزة لا تزال معظم مبادئها تشكل أجزاء مهمة من الإدارة اليوم. وتستند هذه النظرية إلى مبادئ تايلور الأربعة للإدارة العلمية، وهي: المبدأ الأول: التحول من أساليب العمل التقليدية إلى أساليب تعتمد على دراسة علمية للمهام لتحديد الطريقة الأكثر فعالية لإكمال المهمة، والتركيز على زيادة الإنتاجية والأرباح. والمبدأ الثاني: اختيار وتدريب وتطوير العاملين بشكل علمي. والمبدأ الثالث: التعاون مع العاملين للتأكد من اتباع الأساليب العلمية المطورة. أما المبدأ الرابع فهو توزيع العمل بين المديرين والعاملين حتى يقضي المديرون وقتهم في التخطيط والتدريب، مما يسمح للعاملين بأداء مهامهم بكفاءة(74).
واستخدم الكثير من المؤسسات الإعلامية والصحفية نظرية الإدارة العلمية لتحليل بيئة العمل الإعلامي، والعوامل الاقتصادية والتكنولوجية وتأثيرها عليه بعد التغييرات في أنظمة الإنتاج الناجمة عن ظاهرة الإنترنت، وظهور وسائل الإعلام الرقمي في مطلع القرن الحادي والعشرين، وتراجع إيرادات الصحافة المطبوعة. وذلك باعتماد المنهجية العلمية والتركيز على الابتكار، والتسويق العالمي، واعتماد سياسة موجهة نحو جذب الجمهور، وتحديد مؤشر الرضا المتوقع منه، وخفض التكاليف، وتطوير نماذج أعمال ابتكارية جديدة مستدامة ذات طابع اجتماعي(75).
وقد تمكنت المؤسسات الإعلامية التي استخدمت نظرية الإدارة العلمية من استقراء منهجي وعلمي للتحول في البيئة التكنولوجية لصناعة الإعلام وآفاقها، وتجاوز الأزمة المالية التي وقع فيها الكثير من مؤسسات الصحافة المطبوعة في الدول النامية التي لم تعمل بتلك النظرية. ويعتبر الابتكار في المؤسسات الإعلامية من أهم مجالات البحث في إدارة وسائل الإعلام واقتصادياتها؛ إذ يشكل التغير التكنولوجي قوة حتمية، وأساسية للتقدم في الصناعات الإعلامية. ويشكِّل حجم وسرعة تلك التغييرات تحديًا كبيرًا لجميع قطاعات الإعلام، لذلك يتطلب وفقًا لنظرية الإدارة العلمية الحاجة إلى المزيد من الأبحاث حول التقنيات والابتكارات في مجال الإعلام التي من شأنها أن تُسهِم في تطوير نظرية إدارة الابتكار(76).
إدارة العمليات (Operations Management, Gestion des operations)
الإدارة لغة وظيفة تحقيق أهداف المؤسسة، والعمليات جمع عملية وهي اسم مؤنث منسوب إلى عَمَل. والعمليات جملة أعمال تُحدِثُ أثرًا خاصًّا. وتُعرَّف أيضًا بمجموعة هيكلية من الأنشطة مصممة لتحقيق هدف محدد. وتأخذ العملية واحدًا أو أكثر من المدخلات المحددة وتحولها إلى مخرجات محددة. وقد تشتمل العمليات على الأدوار، والمسؤوليات، والأدوات، وآليات التحكم الإدارية الضرورية لتوصيل المخرجات على نحو موثوق فيه. وتقوم أيضًا بتعريف السياسات، والمواصفات القياسية، والإرشادات، والأنشطة، وتعليمات العمل(77). وفي الإنكليزية تعني العمليات (Operations) فعلًا أو نشاطًا أو إجراء. ومصطلح إدارة العمليات هو (Operations Management) ويشار له اختصارًا (OM). وفي الفرنسية إدارة العمليات (Gestion des operations) وهي مشتقة من اللاتينية، وتعني مجموعة منظمة من الفعاليات التي تُسهم في التأثير على عمل وظيفة(78).
وتُعرَّف إدارة العمليات بالتخطيط والتنظيم والإشراف على الممارسات التجارية التي تزيد من الكفاءة، وتضمن تحقق قيمة كبيرة. وتشمل الإعداد والإشراف على الممارسات التي تحول الموارد، مثل: العمالة والمعدات والمواد الخام، إلى سلع وخدمات(79). وأول من بدأ فكرة إدارة العمليات الاقتصادي، آدم سميث (Adam Smith)، في القرن الثامن عشر، وذلك تحت مسمى إدارة التصنيع؛ إذ أدرك سميث أن التخصص في العمل يمكن أن يكون مفيدًا جدًّا لاقتصاد أي منظمة، وتوصل إلى فكرة تقسيم الوظائف إلى وحدات فرعية، حيث لا يتولى المهمة سوى العمال المتخصصين في مجال معين ليس فقط لضمان التنفيذ الفعال للمهمة، ولكن أيضًا لزيادة مهاراتهم. وفي أوائل القرن العشرين، قام تايلور بتطبيق هذا القانون الذي أدى بعد ذلك إلى تطور الإدارة العلمية. ومنذ ذلك الحين، وحتى أوائل التسعينات، تم إجراء العديد من التطورات على أساس تقليد العملية(80).
كان مصطلح إدارة الإنتاج هو المصطلح السائد منذ ثلاثينات القرن العشرين وحتى الخمسينات منه؛ إذ طور المديرون في جميع أنحاء العالم تقنيات لعمليات التصنيع الفعالة. ومنذ ذلك الحين، بدأ علماء اجتماع آخرون بدراسة السلوك البشري في مكان العمل، في حين طور علماء الرياضيات وعلماء الكمبيوتر تقنيات أكثر تقدمًا لتحليل البيانات. وفي سياق هذه التطورات الجديدة، ظهر مصطلح إدارة العمليات الذي ركز على التوسع في قطاع التصنيع، كما تمَّ التركيز على الإنتاج في الممارسات الإدارية بدلًا من واجبات التحليل المعتادة(81).
واعتمد الكثير من المؤسسات الإعلامية المفاهيم الأساسية لإدارة العمليات؛ لأنها تشمل أنشطة تنظيم العمل، واختيار العمليات، وترتيب التخطيطات، وتحديد المرافق، وتصميم الوظائف، وقياس الأداء، ومراقبة الجودة، وجدولة العمل، وإدارة المخزون، وتخطيط الإنتاج. ويتعامل مديرو العمليات مع الأشخاص والتكنولوجيا والمواعيد النهائية؛ إذ تحتاج اقتصاديات المؤسسات الإعلامية إلى تعظيم كفاءتها من أجل زيادة الربحية. وتُعد إدارة العمليات ذلك الجانب من إدارة الأعمال الذي يشمل التخطيط والتنفيذ، والإشراف على إنتاج السلع، والخدمات لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة والنجاح. ويشمل الموارد والمدخلات من الأشخاص والمعدات والتكنولوجيا والمواد التي تتحول إلى مخرجات فعالة على المستويين، اليومي والإستراتيجي، داخل المؤسسة(82).
إدارة غرفة الأخبار (Newsroom Management, Gestion de la rédaction)
الإدارة بمفهومها المبسط عملية توجيه للجهود البشرية لتنفيذ عدة أهداف مرسومة بأقصى كفاءة ممكنة في إطار عمل المؤسسة. والأخبار لغة جمع خبر، والخبر ما يُنقَلُ ويُحدَّث به قولًا أو كتابةً. وتعني في الإنكليزية (Newsroom Management)، ويُعرِّف قاموس “كولينز” إدارة غرفة الأخبار (News Desk) بقسم في صحيفة أو هيئة إذاعية يكون مسؤولًا عن جمع الأخبار، وإعدادها للنشر أو البث(83). وفي الفرنسية لا يختلف معنى مصطلح إدارة الأخبار (Gestion de la rédaction) عن المفهوم الإنكليزي؛ إذ يشير إلى العملية التي تقوم فيها المؤسسة الإخبارية بجمع مجموعة من الأخبار وتحريرها وبثها(84).
ويمكن تعريف مصطلح إدارة غرفة الأخبار بعملية تنسيق المحتوى الإخباري وتنظيمه وتقديمه. وتشمل هذه العملية مجموعة متنوعة من الأساليب، بما في ذلك التقويمات التحريرية، وتجميع الأخبار، وإدارة سير عمل غرفة الأخبار وإقرار النشر. وبدأت بعض إدارات غرف الأخبار باستخدام التكنولوجيا للمساعدة في أتمتة عمليات إنتاج الأخبار؛ إذ تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بجمع المعلومات، وتصنيفها وكتابتها وتحريرها، وتوزيعها بصورة آلية. وباستخدام الخوارزميات يمكن إنشاء قصص إخبارية وتقارير رياضية، ومالية، وتقارير عن حالة الطقس، وإنشاء محتوى حساس، مثل تنبيهات عن حالة الزلازل. فقد جعل الذكاء الاصطناعي العمل أكثر كفاءة في غرف الأخبار، وأسهم في زيادة إنتاج المحتوى كميًّا ونوعيًّا، فضلًا عن زيادة المردود المالي للمؤسسات الإعلامية، وأثار توظيفه في غرف الأخبار تفاؤلًا كبيرًا بمستقبل واعد للصحافة لكن شابت هذا التفاؤل مخاوف عديدة تتعلق بكيفية استجابة عمليات الأتمتة في غرف الأخبار التي تقودها الخوارزميات إلى تطبيق المعايير المهنية والأخلاقية، ومراعاة المسؤولية الاجتماعية(85).
وتواجه أنظمة إدارة غرفة الأخبار تحديات حاسمة جديدة في عملية إدارة المعرفة الكمية المتزايدة باستمرار من المعلومات التي يجب التعامل معها، وعدم تجانسها في البنية والوتيرة التي يتم بها إتاحتها؛ إذ تعتبر ميزات، مثل الاستقلالية والتنظيم الذاتي لإدارة الأخبار ضرورية لمواجهة هذه التحديات. كما ظهر بعد انتشار وسائل الإعلام الرقمي مفهوم جديد سُمِّي إدارة غرف الأخبار متعددة المنصات ليمثِّل انعكاسًا لمصطلح الاندماج الإعلامي بما يعنيه من امتزاج للتقنيات التي كانت متباعدة قديمًا، وبما يشتمله ذلك من أبعاد تقنية واقتصادية وثقافية في تطورات أعادت تشكيل إدارة وتنظيم غرف الأخبار وعمليات إنتاجها واستهلاكها. وأضافت إليها سمات المرونة والتخصيص واللحظية وقيم التفاعل والمشاركة(86).
وقدَّمت بعض الدراسات الإعلامية محاولات لتوصيف النماذج الإدارية التي اتبعتها المؤسسات الصحفية في إدارة غرفها الإخبارية التي تتمتع بمنصات متعددة للنشر في ظل الإمكانات الجديدة التي منحتها لها تقنيات الاندماج، وتبعاتها على عمليات الإنتاج، والنشر والاستهلاك الإعلامي. واهتمت تلك الدراسات بمفهوم غرف الأخبار المدمجة باعتبارها النموذج الأمثل لإدارة غرف الأخبار متعددة المنصات؛ إذ قادت التجارب العملية نمذجة أساليب إدارة غرف الأخبار ذات المنصات المتعددة، فقد سعت تلك النماذج إلى توصيف حالات انتقال المؤسسات من أنماط الإدارة التقليدية إلى درجات متباينة من التكامل والاندماج. وجاءت نماذج الاندماج الكامل لتعبر بالأساس عن دوافع اقتصادية لترشيد نفقات غرف الأخبار، والاستفادة من الآفاق التي أتاحتها التكنولوجيا الحديثة؛ إذ باتت تبحث عن استثمار الموارد المتاحة، وعدم توفير فريق عمل لكل منصة على حدة، لما يعنيه ذلك من تكاليف مضاعفة وتكرار للجهود والأدوار، ولما له من تداعيات سلبية تحريرية وإدارية وتسويقية(87).
إدارة المؤسسات الإعلامية (Managing Media Organizations, Gestion des institutions médiatiques)
يفيد مصطلح إدارة المؤسسات الإعلامية وظيفة السيطرة والتنظيم لتحقيق أهداف المؤسسة الإعلامية. ويقابل هذا المعنى في الإنكليزية (Managing Media Organizations)، وفي الفرنسية (Gestion des Institutions Médiatiques). وتشمل المؤسسات الإعلامية على مختلف وسائل الإعلام: الصحفية المطبوعة والوسائط الرقمية والإذاعية والتليفزيونية، ووكالات الأنباء ودور النشر. وتشترك جميع هذه المؤسسات في أن لها أوجهًا مشابهة لنشاط المؤسسات والشركات التجارية من حيث الإنتاج والتسويق والمشتريات والموارد البشرية والأعمال المكتبية والتمويل، وإن اختلفت باختلاف نشاط المؤسسة، وطبيعة تخصصها الإعلامي الذي يتطلب مهارة وسرعة بديهة في إدراك طبيعة الرسالة الإعلامية والتعامل معها، وكذلك علاقتها مع الحكومات التي تنعكس تباعًا على إدارة هذه المؤسسات وأساليبها.
وتجمع إدارة المؤسسات الإعلامية بين علمين اجتماعيين مختلفين، هما: الإعلام والأعمال، وأولى المساهمات المنشورة منذ ثلاثينات القرن الماضي عن الجانب التجاري لوسائل الإعلام لم تكن من أكاديميين، بل كانت من قبل متخصصين في الصناعة. وفي ستينات القرن العشرين، بدأ بعض العلماء الرواد في التخصص في هذا المجال، وكثيرًا ما كانوا يجمعون بين الأبحاث حول الجوانب التجارية والاقتصادية لوسائل الإعلام. وفي التسعينات وصلت إدارة وسائل الإعلام إلى مرحلة النضج الأكاديمي بفضل مساهمات الأكاديميين من كليات الإعلام وإدارة الأعمال. وأصبحت إدارة وسائل الإعلام تُعد مجالًا راسخًا في أوروبا وأميركا، وفي اجتماعات مجموعات، مثل الجمعية الأوروبية لإدارة وسائل الإعلام، أو الجمعية الأكاديمية الدولية لإدارة وسائل الإعلام. وتوسعت قاعدتها النظرية والمنهجية بسرعة في العقود القليلة الماضية. ولا تزال جوانب، مثل القيادة والتحفيز وصنع القرار والتخطيط والمعايير الأخلاقية، بحاجة إلى المزيد من اهتمام الباحثين في إدارة المؤسسات الإعلامية(88).
ويدل مصطلح إدارة المؤسسات الإعلامية على “عملية تُعنى بتحقيق أهداف وسائل الإعلام وتنميتها عن طريق هيئة تمتلك القدرة على ذلك وفق أساليب إدارية حديثة تتلاءم مع طبيعة العمل الإعلامي”(89). وتتطلب الإدارة الفعالة لوسائل الإعلام اعتماد إستراتيجية تقوم على ابتكار نماذج الأعمال الجديدة، والبحث عن مصادر جديدة للإيرادات، واعتماد إستراتيجيات خفض التكاليف كأداة لدفع أعمالها نحو الابتكار، وبما يساعد في تحقيق جدوى اقتصادية محسنة وميزة تنافسية مستدامة في السوق الرقمية(90)، وإجراء الدراسات لتقييم الأساليب والوسائل اللازمة للعمل الريادي لأهميته في تطوير، وتنمية اقتصاديات المؤسسات الإعلامية في ظل تحديات الذكاء الاصطناعي؛ إذ تمثِّل الصناعات الإعلامية حقلًا مليئًا بالفرص الجديدة لريادة الأعمال. ويتطلب من الإدارة الإعلامية الفعالة أيضًا التخطيط المسبق لمواكبة التطورات في البيئة التكنولوجية لوسائل الاتصال والإعلام السريعة التغير بهدف الارتكاز على قاعدة اقتصادية قوية، واعتماد آليات التحفيز، وبرامج التدريب لرفع كفاءة العاملين بما ينعكس إيجابًا على جودة المحتوى الإعلامي. كما تبذل الإدارة الفعالة المزيد من العمل المنهجي للبحث في إدارة شركات الإعلام العابرة للحدود الوطنية، بما في ذلك القضايا الهيكلية والوظيفية والأداء(91).
إدراك (Realization, La concrétisation)
الإِدراك لغة مصدر الفعل أدرك يُدرِك إدراكًا، فهو مُدرِك، والمفعول مُدرَك للمتعدي. أدْرَكَ المعنى بعَقْلِه: فَهِمَه، وأدْرَكَ الشيءَ ببصَرَهِ رآه، والإدراك الحسي معرفة مباشرة للأشياء عن طريق الحواس. والإدراك الوجداني الحدس بالحقائق الأخلاقية عن طريق القلب والعاطفة من غير تدخُّل للعقل. والإدراك الواعي درجة سامية من الإدراك والتصور(92). وفي الإنكليزية كلمة الإدراك (Realization) اسم وتعني حالة الوعي وفهم والموقف. وتفيد أيضًا معنى الحقيقة أو لحظة البدء في فهم الموقف(93). وفي الفرنسية الإدراك (La concrétisation) عملية فهم الأشياء وحقيقتها(94). ويتفق المعنى في اللغات الثلاث بأن الإدراك هو حالة الفهم العقلي للإنسان المتأتية عبر مداركه الحسية.
وهناك عدة تعريفات للإدراك لعل أهمها “الإدراك هو العملية العقلية التي يتم من خلالها تفسير وتأويل المثيرات وصياغتها على نحو يمكن فهمها، ومن ثم الخروج بتصور أو حكم أو قرار”(95). ويُعرَّف الإدراك أيضًا بالعملية المعرفية الأساسية الخاصة بتنظيم المعلومات التي ترد إلى العقل من البيئة الخارجية في وقت معين(96). والإدراك هو استقبال المثيرات وتفسيرها وإعطائها معاني ومفاهيم يستند عليها الإنسان في اختيار السلوك المناسب. وهو تلك العملية التي يقوم بها الفرد باختيار وتنظيم وترتيب المعلومات، وتفسير المدخلات التي تأتي عن طريق تأثر الحواس بالمنبهات؛ إذ إن لكل حاسة حدودًا معينة فيما يرد إليها من منبهات تساعد الفرد وفقًا لنظامه الإدراكي على تكوين معلوماته واتجاهاته وسلوكه. وغالبًا ما يدرك الفرد الأشياء المكتملة التي تمتاز بالاستقرار على نحو أسهل من الأشياء الناقصة، وفي حالة التنبهات الحسية الناقصة فإن النظام الإدراكي يعمل على توفير بعض المعلومات بناء على الخبرات السابقة لإكمال النقص وسد الثغرات للوصول إلى حالة الاكتمال أو الاستقرار(97).
ويقوم مصطلح الإدراك في الإعلام على أن عملية الاتصال تهدف إلى إحداث تغيير في معلومات واتجاهات وسلوك المتلقي، وتزوده بالمعلومات الصحيحة التي تمكنه من فهم مجريات الأحداث وتقييمها وتحليلها واتخاذ القرارات الصائبة والسلوك السوي. كما تزود المتلقي بمعلومات جديدة إضافية لم يطلع عليها من قبل، أو تصحيح معلومات أو مفاهيم، أو أفكار خاطئة علقت في ذهنه. فالمعرفة تمثِّل قوة لدى الإنسان، وحالة من حالات السلوك الواعي التي تساعده على اتخاذ القرار والحكم والإرادة. أما المعلومات الخاطئة فتؤدي إلى إرباك المتلقي، وتولد لديه الشك وسوء الفهم للأفكار. وأحيانًا تقوم وسائل الاتصال بنشر معلومات ناقصة على شكل أنصاف حقائق، أو خاطئة أو كاذبة على شكل معلومات مُضَلِّلَة بهدف تزييف وعي المتلقي وخداعه، والتأثير في اتجاهاته وسلوكه، ومن ثم تشكيل اتجاهات الرأي العام. ويرى ولبور شرام (Wilbur Schramm) أن وسائل الاتصال تستطيع أن تقود التغيير في المجتمع؛ لأنها توسع الآفاق، وتركز الانتباه، وترفع التطلعات، وتغذي قنوات عاملة بين الأشخاص، كما تفرض الأوضاع الاجتماعية، وتساعد على الإدراك عبر وظيفة الإقناع(98).
الإدراك الاصطناعي (Artificial perception, Perception artificielle)
الإدراك لغة يعني فهم المتلقي العقلي لمضمون الاتصال. وكلمة اصطناعي اسم منسوب إلى اصطناع، وجذرها صنع(99). والإدراك الاصطناعي هو القدرة التي طورتها أنظمة الذكاء الاصطناعي في محاولة لتقليد المهارات الإدراكية البشرية. وفي الإنكليزية يُطلق على مصطلح الإدراك الاصطناعي (Artificial Perception)، وكذلك الإدراك الآلي (Machine perception) الذي يُعرَّف بـ”قدرة نظام الكمبيوتر على تفسير البيانات بطريقة مشابهة للطريقة التي يستخدم بها البشر حواسهم للتواصل مع العالم من حولهم. ويمثِّل الإدراك الآلي شكلًا من أشكال الذكاء الاصطناعي(100). وكلا المصطلحين يدلان على نفس المعنى. وفي الفرنسية الإدراك الاصطناعي (Perception artificielle) لا يختلف عن معنى المصطلح في اللغة الإنكليزية. والذكاء الاصطناعي هو في الواقع إدراك اصطناعي؛ إذ تحاكي آلة الذكاء الاصطناعي القدرة الإدراكية للدماغ البشري(101).
وأقدم تطبيقات الإدراك الآلي (الاصطناعي) هو التعرف البصري على الحروف، كان طوَّره إيمانويل غولدبرغ (Emanuel Goldberg) في عام 1914، الذي يُمكِّن آلة التعرف على الحروف الخاصة به قراءة الأحرف، وتحويلها إلى رمز تلغراف قياسي؛ مما يدل على قدرة الآلات على إدراك الرموز والنصوص. ومنذ العمل الأولي لغولدبرغ تطور هذا المجال بسرعة؛ إذ تمَّ استخدام الإدراك الاصطناعي اليوم على نطاق واسع(102).
ويشير مفهوم الإدراك الاصطناعي، أو الإدراك الآلي، إلى قدرة الآلات على تفسير وفهم المعلومات الحسية من البيئة، وذلك عن طريق معالجة وتحليل البيانات باستخدام خوارزميات التعلم الآلي. وتبدأ العملية بجمع البيانات من أجهزة استشعار مختلفة، مثل: الكاميرات أو الميكروفونات أو الرادارات أو أجهزة الاستشعار الأخرى، بعد ذلك تتم معالجة البيانات وتحسين جودتها. وتغطي أنظمة الإدراك الاصطناعي الحديثة الأحاسيس البصرية والسمعية واللمسية(103). وللإدراك الاصطناعي دور مهم في تمكين الآلات من التفاعل مع العالم المادي، وفهم السلوك البشري والتواصل، واتخاذ القرارات بناء على المعلومات الحسية. ويُعد الإدراك الاصطناعي أساس العديد من تقنيات الذكاء الاصطناعي في المركبات ذاتية القيادة، والطائرات بدون طيار، والروبوتات، وأنظمة الأمان من خلال تحليل لقطات الفيديو واكتشاف السلوك أو الأشياء غير العادية(104).
وهناك أنواع مختلفة من الإدراك الاصطناعي مثل: الرؤية الحاسوبية (الكمبيوتر)، والتعرف على الكلام، ومعالجة اللغة الطبيعية، ودمج أجهزة الاستشعار. وتتضمن الرؤية الحاسوبية استخدام أجهزة الكمبيوتر لفهم وتفسير البيانات المرئية من الصور الرقمية، أو مقاطع الفيديو. ولهذه التقنية عدة تطبيقات، مثل: التعرف على الوجوه، واكتشاف الأشياء، والتتبع. ويتضمن التعرف على الكلام قدرة الآلة على فهم وتفسير اللغة المنطوقة. وتشتمل تقنية التعرف على الكلام تطبيقات مختلفة، مثل: المساعدين الافتراضيين، وبرامج الإملاء، وروبوتات خدمة العملاء. ويتيح نظام معالجة اللغات الطبيعية (Natural Language Processing) لأجهزة الكمبيوتر فهم وتفسير اللغة البشرية بطريقة أكثر دقة. وتمتلك تقنية البرمجة اللغوية العديد من التطبيقات، منها: برامج الدردشة الآلية، وأنظمة خدمة العملاء الآلية، وتحليل المشاعر. ويتضمن دمج أجهزة الاستشعار دمج البيانات من أجهزة استشعار متعددة، مثل: الكاميرات لخلق فهم أكثر شمولًا للبيئة. وهذه التكنولوجيا مفيدة بشكل خاص للمركبات ذاتية القيادة، والروبوتات، والطائرات بدون طيار(105).
إدراك واقعية المضمون (Realizing the Realism of the Content, Prendre conscience du réalisme du contenu)
الإدراك لغة يعني فهم المتلقي العقلي لمضمون الاتصال. والواقعية اسم مؤنث منسوب إلى واقع، وهي مصدر صناعي، وفكرة غير واقعية: خيالية. والمضمون اسم المفعول من ضُمِنَ، ومعناه المحتوى. ومضمون الكلام: فَحْوَاهُ وما يُفهَمُ منه، والجمع: مضامين(106). ويفيد مصطلح إدراك واقعية المضمون أن الجمهور يبدأ في تفسير نص إعلامي محدد بفهم أولي لمستوى واقعيته التي يتم تحديدها من خلال تنسيق المضمون أو نوعه الظاهري، وإصدار أحكام واقعية أثناء قراءة المضمون أو مشاهدته، أو التوصل إلى أحكام بأثر رجعي مبنية على الذاكرة. ويرتبط فهم كيفية إدراك المتلقي واقعية مضمون وسائل الإعلام بعدة متغيرات، مثل: عمره، ودوافعه ومعتقداته فيما يتعلق بنوع المادة(107).
وتشير أدبيات الاتصال الجماهيري إلى أن إدراك واقعية المضمون يتم الكشف عنها بعدة طرق؛ إذ يُعتقد أن الجمهور المتلقي ينظر إلى المضمون الإعلامي على أنه واقعي إذا حُكم عليه بأنه يشبه الحياة الواقعية بطريقة ذات معنى، أو إذا استجاب له كما لو كان حقيقيًّا. لكن هذه التصورات تعتمد على سمات المضمون، مثل أسلوبه أو نوعه الظاهر، إلا أنها لا تحددها بالكامل. وقد يختلف الجمهور في تصوراته لنفس المادة. وتختلف كذلك تصورات إدراك الواقعية في الأدبيات من حيث المعايير المستخدمة لتقييم الواقعية، وفي نقطة العملية التفسيرية عند إصدار الحكم. وهناك ثلاثة أشكال شائعة لإدراك واقعية المضمون: أولها: الواقعية الحقيقية، وهي إذا كان ما تمَّ تصوره قد حدث بالفعل. وثانيها: الواقعية الاجتماعية، وهي أن ما تمَّ تصوره يُشبه ما يتوقع المرء أن يجده في العالم الحقيقي. وثالثها: الواقعية السردية أو التماسك السردي سواء كانت الأحداث داخل القصة موضحة بشكل جيد أو متسقة(108).
وتهتم نظرية الغرس الثقافي الذي ظهرت في سبعينات القرن العشرين بدراسة تأثيرات وسائل الإعلام، إضافة إلى الاهتمام بدراسة تأثيرها التراكمي طويل الأمد؛ إذ يشير الغرس إلى تقارب إدراك جمهور التليفزيون للواقع الاجتماعي، وتشكيل الإدراكات والمعتقدات عن العالم نتيجة للتعرض المستمر لوسائل الإعلام. وقد وضع جيمس بوتر (James Potter) ثلاثة أبعاد لتعريف إدراك واقعية المضمون، وهي(109):
- النافذة السحرية: ويُقصَد بها الدرجة التي يعتقد عندها المشاهد أن المعلومات التي تُقدَّم من خلال التليفزيون تَمْثِيل دقيق للحياة الواقعية.
- المنفعة: ويراد بها مستوى شعور المشاهد بأن المضمون التليفزيوني يُقدِّم إليه معلومات في عديد من الموضوعات، ويمكن استخدامها في حياته الواقعية. فمثلًا المشاهد الذي لديه اعتقاد قوي بأن المسلسلات التليفزيونية تعكس مواقف واقعية حقيقية سوف يعتقد في إمكانية تأثير هذه المواقف على حياته الخاصة أكثر من المشاهد الذي يرى في المسلسلات مجرد أعمال خيالية ومبالغ فيها.
- التماثل: ويقصد به درجة التشابه التي يدركها المشاهد بين الشخصيات والمواقف التليفزيونية، وبين الناس والمواقف التي تظهر في خبرات الحياة الواقعية. فقد يشعر الشخص الذي يتوحد مع الشخصية التليفزيونية بالصداقة الحميمة، ويتولد لديه شعور بواقعية تلك الشخصيات، وتكون مشاعره تجاه هذه الشخصية مشابهة لمشاعره تجاه الشخصيات الحقيقية.
المراجع
(1) إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط، (القاهرة، مجمع اللغة العربية،(1998 ، ص 2.
(2) معجم المصطلحات الإعلامية، (القاهرة، مجمع اللغة العربية، 2008)، ص 14.
(3) “Production,” Oxford Learner’s Dictionaries, “accessed September 24, 2023”. https://t.ly/qmrMi.
(4) “Réalisation,” Larousse, “accessed September 24, 2023”. https://t.ly/sIXLP.
(5) محمود علم الدين، الإخراج الصحفي، (القاهرة، العربي للنشر، 1989)، ص 267.
(6) فهد بن عبد العزيز العسكر، الإخراج الصحفي: أهميته الوظيفية واتجاهاته الحديثة، (الرياض، مكتبة العبيكان، (1998، ص 14.
(7) “تعريف ومعنى أذاع”، قاموس المعاني، (تاريخ الدخول: 25 سبتمبر/أيلول 2023)، https://t.ly/1qGz_.
(8) Jack W. Mitchell, Listener Supported: The Culture and History of Public Radio, (Praeger Publishers, 2005), 167.
(9) Robert McLeish, Jeff Link, Radio production, (CRC Press, 2015), 57.
(10) أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط 1 (القاهرة، عالم الكتب، 2008)، ص 81.
(11) المعجم الوسيط، ط 5 (القاهرة، مجمع اللغة العربية، 2011)، ص 76.
(12) “Advertisement,” Cambridge Dictionary, “accessed September 26, 2023”. https://t.ly/cxvbt.
(13) “Publicité,” larousse, “accessed September 27, 2023”. https://t.ly/1Coqo.
(14) “Production,” larousse dictionnaires, “accessed September 29, 2023”. https://shorturl.at/gtzL3.
(15) روبن لاندا، الإعلانات والتصميم: ابتكار الأفكار الإبداعية في وسائل الإعلام، ترجمة صفية مختار، (المملكة المتحدة، مؤسسة هنداوي، 2019)، ص 464.
(16) Robin B. Walker, “Advertising in London newspapers, 1650–1750.” Business History, Vol. 15, No. 2, (1973): 112-130.
(17) May Salih Abu Joloud, “The use of Idioms in Advertisements,” Journal of the College of Languages, No. 30, (2014): 56.
(18) لاندا، الإعلانات والتصميم، مرجع سابق، ص 30.
(19) المرجع السابق، ص 41.
(20) Julian Ming-Sung Cheng et al., “Consumer Attitudes and Interactive Digital Advertising,” International Journal of Advertising The Review of Marketing Communications, Vol. 28, No. 3, (2009), 503.
(21) Olivia Lowden, “Here are the Top 5 Companies in Digital Advertising,” bccresearch, March 20, 2023, “accessed September 30, 2023”. https://shorturl.at/DY129.
(22) “Digital Advertising: Global Market Opportunities and Forecast to 2027,” bccresearch, April 1, 2023, “accessed September 30, 2023”. https://shorturl.at/ktLV7.
(23) المعجم الوسيط، مرجع سابق، ص 87.
(24) ف. عبد الرحيم، معجم الدخيل في اللغة العربية ولهجاتها، (دمشق، دار القلم، 2011)، ص 84.
(25) “Réalisation,” larousse, “accessed September 26, 2023”. https://shorturl.at/cdtwE.
(26) نهلة عيسى، الإخراج الإذاعي والتليفزيوني، (دمشق، منشورات الجامعة الافتراضية السورية، 2020)، ص 129-127.
(27) محمد عبد البديع السيد، الإخراج الإذاعي والتليفزيوني في العصر الحديث، (القاهرة، مكتبة النور، د.ت)، ص 51-52.
(28) المرجع السابق، ص 121.
(29) “تعريف ومعنى سينمائي”، قاموس المعاني، (تاريخ الدخول: 26 أكتوبر/تشرين الأولي 2023)، https://shorturl.at/wzDNW.
(30) عقيل مهدي يوسف، جاذبية السينما: دراسة في جماليات السينما، ط 1 (بيروت، دار الكتاب الجديد المتحدة، 2001)، ص 68.
(31) جون بيتنر، مقدمة في الاتصال الجماهيري، (عمان، مركز الكتب الأردني، 1990)، ص 241.
(32) “تعريف ومعنى الصحفي”، قاموس المعاني، (تاريخ الدخول: 29 سبتمبر/أيلول 2023)، https://shorturl.at/foENR.
(33) محمود علم الدين، الإخراج الصحفي (القاهرة، العربي للنشر والتوزيع، 1989)، ص 14.
(34) “Conception,” larousse, “accessed September 30, 2023”. https://rb.gy/tmc8xt.
(35) منير سليم أبو راس، مدخل في الإخراج الصحفي (غزة، الجامعة الإسلامية، 2017)، ص 3.
(36) طلعت همام، مائة سؤال عن الإخراج الصحفي (الأردن، دار الفرقان، 1984)، ص 10.
(37) حسنين شفيق، الإخراج الصحفي الإلكتروني والتجهيزات الفنية، (القاهرة، دار فكر وفن للنشر والتوزيع، 2010)، ص 17.
(38) أديب خضور، مدخل إلى الصحافة نظرية وممارسة، ط 2 (دمشق، دار الحارث للطباعة والنشر، 2008)، ص 161.
(39) مهند سيف الدين الصميدعي، فن الإخراج الصحفي، (العين، دار الكتاب الجامعي، 2019)، ص 23.
(40) حسنين شفيق، الإخراج الصحفي الإلكتروني والتجهيزات الفنية، (القاهرة، دار فكر وفن للنشر والتوزيع، 2010) ص 17.
(41) بلعيدي معمر، جفافلة داود، “إخراج وتصميم الصحف الإلكترونية: النشأة والتطور المفهوم والسمات”، مجلة روافد للدراسات والأبحاث العلمية في العلوم الاجتماعية والإنسانية (جامعة عين تموشنت، الجزائر، المجلد 7، العدد 2، يونيو/حزيران 2023)، ص 642.
(42) الصادق رابح، الإعلام والتكنولوجيا الحديثة، (العين، دار الكتاب الجامعي، 2004)، ص 104.
(43) المرجع السابق، ص 635.
(44) Helmut Kipphan, Handbook of Print Media: Technologies and Production Methods, (Springer, 2001), 42–43.
(45) “What is Print Production and How Does it Work?,” BDS, May 5, 2023, “accessed September 12,2023”. https://rb.gy/hndy1i.
(46) محمد خليل الرفاعي، تقنيات الطباعة (دمشق، الجامعة السورية الافتراضية، 2020)، ص 144.
(47) رشا مصطفى ناظم، سعد سلمان عبد الله، “دور العناصر التيبوغرافية في إخراج المجلات النسوية في الوطن العربي”، مجلة آداب الفراهيدي (جامعة تكريت، العراق، المجلد 11، العدد 39، 2019)، ص 368.
(48) “Magazine,” Cambridge Dictionary, “accessed September 20,2023”. https://rb.gy/eac4o1.
(49) شريف درويش اللبان، الإخراج الصحفي (القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 2009)، ص 12.
(50) حسين علي الفلاحي، الإخراج الصحفي التقليدي والرقمي، (الإمارات، دار الكتاب الجامعي، 2018)، ص 405- 414.
(51) “تعريف ومعنى الأزمة”، قاموس المعاني، (تاريخ الدخول: 19 سبتمبر/أيلول 2023)، https://rb.gy/cli9o1.
(52) “Crisis Management,” Cambridge Dictionary, “accessed September 11, 2023”. https://rb.gy/s9rbnh.
(53) “Crise,” larousse, “accessed September 16, 2023”. https://shorturl.at/goLS7.
(54) عبد الرزاق الدليمي، الإعلام وإدارة الأزمات، (عمان، دار المسيرة للنشر، 2012)، ص 92.
(55) المرجع نفسه، ص 115.
(56) علي فلاح الضلاعين وآخرون، الإعلام وإدارة الأزمات، ط 1 (عمان، دار الإعصار العلمي للنشر، 2015)، ص93.
(57) Jean-Pierre Huberac, Guide des méthodes qualité, (Paris: maxima, 1998), 65.
(58) محمد عبد الفتاح محمد، إدارة الجودة الشاملة بمنظمات الرعاية الاجتماعية، (الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 2008)، ص 56.
(59) جمال العيفة، ليلى فقيري، “إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات الإعلامية: الأسس، المبادئ وآليات التطبيق”، مجلة معيار (جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، الجزائر، العدد 42، 2017)، ص 179.
(60) أحمد شحاتة، زينب النجار، معجم المصطلحات التربوية والنفسية، (مصر، الدار اللبنانية المصرية، 2003)، ص 70.
(61) سونيا محمد البكري، إدارة الجودة الكلية، (مصر، الدار الجامعية للنشر، 2003)، ص 13.
(62) العيفة، فقيري، “إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات الإعلامية”، مرجع سابق، ص 181.
(63) إبراهيم عبد الله المسلمي، إدارة المؤسسات الصحفية، ط 1 (القاهرة، دار الفكر العربي، 1995)، ص 75.
(64) عبد النبي عبد الله الطيب، إدارة المؤسسات الصحفية، (عمان، أمواج للنشر والتوزيع، 2016)، ص 45.
(65) “Presse,” larousse, “accessed September 11, 2023”. https://shorturl.at/xFRV8.
(66) المسلمي، إدارة المؤسسات الصحفية، مرجع سابق، ص 117.
(67) المرجع نفسه، ص 172.
(68) عبد الكريم علي الدبيسي، “صحافة الذكاء الاصطناعي والتحديات المهنية والأخلاقية”، مجلة الجامعة الإسلامية للبحوث الإنسانية، (الجامعة الإسلامية للبحوث الإنسانية، فلسطين، المجلد 31، العدد 3، 2023)، ص 20.
(69) David Brewer, “Managing a news website – the basics,” Digital Journalism, October 30, 2018, “accessed September 21, 2023”. https://shorturl.at/qzKLZ.
(70) “The New York Times Org chart,” theorg, “accessed November 4, 2023”. https://shorturl.at/jopqy.
(71) Freny Fernandes, “Charting Revenue: How The New York Times Makes Money,” visualcapitalist, March 21, 2023, “accessed November 4, 2023”. https://shorturl.at/jvxMN.
(72) لويس معلوف، المنجد في الأدب والعلوم اللغة العربية المعاصرة، (بيروت، المطبعة الكاثوليكية، 1964) ص 1013.
(73) Charles Wrege, Ronald Greenwood, Frederick W. Taylor: The Father of Scientific Management: Myth and Reality, (Business One Irwin, 1991), 12.
(74) Adam Briggle, Carl Mitcham, Ethics and Science: An Introduction. (Cambridge University Press, 2012), 1153.
(75) Joan-Francesc Fondevila-Gascón et al., “Impact of the management theories in journalism: The Case of the Spanish newspaper ABC,” Questions of Journalism, (June 2012): 2.
(76) Bozena Mierzejewska, “Media management in theory and practice,” Managing mediawork, (2011): 19.
(77) “تعريف ومعنى العمليات”، قاموس المعاني، (تاريخ الدخول: 20 سبتمبر/أيلول 2023)، https://shorturl.at/nxKL0.
(78) “Opération,” larousse, “accessed September 22, 2023”. https://shorturl.at/myFQ4.
(79) John G. Wacker, “A Definition of Theory: Research Guidelines for Different Theory-Building Research Methods in Operations Management,” Journal of Operations Management, Vol. 16, No. 4 (1998): 361-385.
(80) Anil Kumar, N. Suresh, Production and Operations Management, (New Age International Publishers, 2006), 284.
(81) Robert Johnston, “Service Operations Management: Return to Roots,” International Journal of Operations & Production Management, Vol. 25, No. 12, (2005): 1278-1297.
(82) Roberta S. Russell, Bernard W. Taylor III, Operations Management: Creating Value Along the Supply Chain, (John Wiley & Sons, Inc, 2011), 2.
(83) “News Desk,” Collins Dictionary, “accessed September 17,2023”. https://shorturl.at/JQV79.
(84) “Rédaction,” larousse, “accessed September 18,2023”. https://shorturl.at/jnvw0.
(85) الدبيسي، “صحافة الذكاء الاصطناعي والتحديات المهنية والأخلاقية”، مرجع سابق، ص 77.
(86) فاطمة الزهراء عبد الفتاح، “نماذج إدارة غرف الأخبار المتعددة المنصات”، المجلة العلمية لبحوث الصحافة (كلية الإعلام بجامعة القاهرة، القاهرة، العدد 2، 2015)، ص 341.
(87) المرجع نفسه، ص 357.
(88) Juan Pablo Artero Muñoz, “Media management,” in Oxford Bibliographies in Communication, ed. Patricia Moy, (Oxford University Press, 2016): 11-40.
(89) سحر خليفة الجبوري، تنمية القدرات الإدارية للمؤسسات الإعلامية: جريدتي المدى والصباح نموذجًا، (بغداد، دار المدى للطباعة والنشر، 2012)، ص 58.
(90) Paul Murschetz, George Tsourvakas, “Media management,” in The Sage International Encyclopedia of Mass Media and Society, (SAGE Publications, 2019), 11.
(91) Alan Albarran et al., eds. Handbook of Media Management and Economics, (Routledge, 2018), 59.
(92) “تعريف ومعنى الإدراك” قاموس المعاني، (تاريخ الدخول: 22 سبتمبر/أيلول 2023)، https://shorturl.at/aAOT8.
(93) “Realization,” Cambridge Dictionary, “accessed September 26, 2023”. https://shorturl.at/fCM19.
(94) “Concrétisation,” larousse, “accessed September 26, 2023”. https://shorturl.at/aqxJU.
(95) صلاح صالح معمار، “قوانين الإدراك العقلي”، (تاريخ الدخول: 27 سبتمبر/أيلول 2023)، https://shorturl.at/ayFJO.
(96) أحمد صقر عاشور، السلوك الإنساني في المنظمات (الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، 1981)، ص 21.
(97) المرجع السابق، ص 25.
(98) كامل خورشيد مراد، الاتصال الجماهيري والإعلام ط 1 (عمان، دار المسيرة للنشر، 2011)، ص 230.
(99) “تعريف ومعنى الإدراك” قاموس المعاني، مرجع سابق.
(100) Malcolm Tatum, “What is Machine Perception”, October 15, 2023, “accessed November 7, 2023”. https://shorturl.at/bCKUZ.
(101) Sharad Gandhi, “AI is Essentially Artificial Perception,” towardsdatascience, May 29, 2017, “accessed November 7, 2023”. https://shorturl.at/ewFU4.
(102) Abid Ali Awan, “what is Machine Perception?,” May 2023, “accessed November 2, 2023”. https://shorturl.at/awJX8.
(103) Xinglong JI et al, “Artificial Perception Built on Memristive System: Visual, Auditory and Tactile Sensations, Advanced Intelligent Systems, Vol. 2, No. 3, (January 2020): P6.
(104) Yuliia Kniazieva, “What Is Perception in Machine Learning?,” labelyourdata, October 20, 2022, “accessed September 29, 2023”. https://shorturl.at/ABY79.
(105) Awan, “what is Machine Perception?,” 1.
(106) “تعريف ومعنى كلمة مضامين”، قاموس المعاني، (تاريخ الدخول: 82 سبتمبر/أيلول 2023)، https://shorturl.at/ijBJ2.
(107) Alice Hall, “Perceived Realism,” in The International Encyclopedia of Media Effects, (2017): 1.
(108) Ibid, 2.
(109), James Potter, “How do Adolescents’ Perceptions of Television Reality Change over Time?,” Journalism Quarterly, Vol. 69, No. 2, (1992): 392.
* د. عبد الكريم علي الدبيسي، أستاذ الإعلام المشارك بقسم الإعلام في جامعة المستقبل، بابل- العراق.
Dr. Abdulkareem A. Al-Debaisi, Department of Media at Al-Mustaqbal University, Babylon – Iraq.