منال هلال المزاهرة – Manal Hilal Al Mazahreh *
توطئة:
يمثِّل مشروع المعجم الإعلامي الحديث، الذي يُصدِره مركز الجزيرة للدراسات، إسهامًا معرفيًّا في صناعة معجمية تحقق التراكم المعرفي الإعلامي، باعتبارها وسيطًا علميًّا يُوثِّق الصلة بمجال اشتغاله، ويُكْسِب المتلقي أيضًا وعيًا عميقًا بالكيفية التي يُعَبِّر بها النسق المعجمي عن صيرورة الظواهر والقضايا التي يعالجها من خلال البحث في أصول الكلمات، وتَشَكُّل المصطلحات، وبلورة المفاهيم واستقصاء تطورها التاريخي. سيكون هذا المعجم الإلكتروني منطلقًا لفهم الطبيعة التاريخية لمصطلحات الإعلام، والسياقات المختلفة التي تبلورت فيها، والقضايا والإشكاليات التي تُعبِّر عنها في علاقتها بالتحولات الاجتماعية والسياسية والفكرية والفلسفية، وتأثيرها على التفكير الإنساني في تلك القضايا، لأن المصطلحات لا يمكن عزلها عن هذه البنى التي أنتجتها (الاجتماعية والتاريخية والسياسية…)، كما أن بعض العمليات الاجتماعية والتاريخية تحدث من داخل المصطلحات نفسها. وفي هذا العدد، تشارك الدكتورة منال هلال المزاهرة بهذه المادة العلمية التي أعدَّتها ضمن سلسلة المعجم الإعلامي الحديث مُساهِمَةً في بناء لبناته ومنظومته.
Foreword:
Published by Al Jazeera Centre for Studies, The Modern Media Dictionary is a cognitive contribution to the lexical industry that achieves an accumulation of media knowledge as a scientific means of documenting the connection to its field of work, giving the reader a deep awareness of how the lexical system expresses the process of phenomena and issues that it deals with through research on the origins of words, forming vocabulary and concepts, and investigating their historical development. This electronic dictionary will be the starting point for understanding the historical nature of media terminology; the different contexts in which they were formed; the issues and problems that it portrays in its relationship with social, political, intellectual and philosophical transformations; and their effect on human thought on these issues. This is because terminology cannot be isolated from the social, historical and political structures that produced it. In addition, some social and historical operations occur from within the terminology (e.g. cyberspace, social media networks). This issue features a scientific article prepared by Dr. Manal Hilal Al Mazahreh as part of the Modern Media Dictionary series, and a contribution to its construction and system.
الإذاعة (Radio, Radio)
الإذاعة مصدر الفعل أذاعَ يُذيع، أَذِعْ، إذاعةً، فهو مُذيع، والمفعول مُذاع، وأَذَاعَ خَبَرًا: نَشَرَهُ، وأَعْلَنَ(1)، أو هي انتشار الخبر. وترمز كلمة “أذاع” إلى الإشاعة، ويُوصف الرجل الذي لا يكتم السر بأنه مذياع(2). ويعود مصطلح الإذاعة إلى الكلمة اللاتينية (Radius)، وتعني نصف قطر الدائرة، لكن تطور المصطلح ليصبح (Radio) كما في اللغة الإنجليزية، ويُقصد به بث الموجات بواسطة مراكز الإرسال وانتشارها عبر الأثير لتلتقطها أجهزة الاستقبال مرة أخرى. ويُعتقد أن مصطلح (Radio) جاء من المصطلح الفرنسي (Radiodiffusion) أي محطة الإرسال؛ إذ أُخِذ منه الجزء الأول لكلمة (Radio)ليصبح المصطلح الرئيسي المستخدم للإذاعة.
وتُعرَّف الإذاعة بـ”الانتشار المنظَّم والمقصود بواسطة الراديو لمواد إخبارية وثقافية وتعليمية وغيرها من البرامج لیتم التقاطها في وقت واحد من قِبَل المستمعين المنتشرين في شتى أنحاء العالم- فرادى وجماعات- باستخدام أجهزة الاستقبال المناسبة”(3). وتُشكِّل الإذاعة إحدى وسائل الاتصال الجماهيري التي تقوم بنقل الأصوات لاسلكيًّا بعد تحويلها إلى موجات كهرومغناطيسية عن طريق محطة الإذاعة، والاستماع إليها عبر أجهزة الاستقبال؛ إذ تُنظِّم الإذاعة برامج متنوعة تهم مختلف فئات المجتمع(4). لذا يمكن القول: إن الإذاعة وسيلة سمعية تعمل على نقل الأخبار والمعلومات وبثِّها للجمهور عبر أجهزتها المتنوعة من حيث الحجم والقدرات التقنية وسرعة البث وجودة الصوت.
وتُعد الإذاعة من أقدم وأهم وسائل الاتصال التي تُسهِم في إيصال الرسائل إلى أعداد كبيرة ومتباينة ثقافيًّا وتعليميًّا من جميع فئات الجمهور، وأكثرها انتشارًا نظرًا لسهولة إيصال المعلومات والوصول إليها، وسهولة استعمالها التي تجاوزت الحدود والمسافات والقيود. وتكمن قوة الإذاعة في أن المستمع يشعر بنوع من المشاركة والاقتراب الشخصي والإحساس بالواقعية، كما تُسهِم في رسم الإطار النفسي مما يجعلها صديقًا للمستمعين يرافقونها في كل مكان. وقد حافظت الإذاعة على مكانتها بين وسائل الإعلام الأخرى باختلاف أنواعها، وازداد دورها بعد التطور التكنولوجي الذي استحدث أدوات متنوعة أسهمت إلى حدٍّ بعيد في إتاحة فرصة هائلة لتطوير جودة الإنتاج من النواحي الفنية والإبداعية(5).
تطور مفهوم الإذاعة
يعود مفهوم الراديو -كما ذُكِر آنفًا- إلى الكلمة اليونانية (Radius) التي تُشير إلى شكل الإرسال الإذاعي. وتنطبق هذه التسمية على الإرسال الإذاعي الذي يبث الموجات الصوتية عبر الأثير على هيئة دوائر لها مركز إرسال، وقد أُطلِق على هذه الوسيلة اسم “اللاسلكي” في بداية الأمر(6)؛ إذ كان يتم نقل الرسائل بواسطة جهاز إرسال لنقل رموز مورس (التلغراف اللاسلكي)، لكنه لم يكن قادرًا على نقل الصوت أو الموسيقى. وقد أدى نظام الموجات المستمرة (Continuous Wave System) إلى تحسين نقل الرسائل عبر مسافات أطول، وكان أكثر كفاءة من جهاز الإرسال. وأشار ريجينالد فيسندن (Reginald Fessenden)، الأستاذ الكندي في الهندسة الكهربائية بجامعة بيتسبرغ، إلى إمكانية وجود نظام أفضل من نظام الموجات المستمرة؛ إذ طلب تصميم مُولِّد للتيارات المتناوبة بسرعة عالية لإنشاء الموجة الحاملة اللازمة لنقل الصوت. وفي عام 1906، تمَّ تطوير المولد البديل، ألكسندرسون، (Alexanderson alternator) الذي كان فعالًا للمسافات الأطول والاتصالات عبر الأطلسي. وفي عام 1906، حدث أول بث رسمي “الراديوفوني” (Radiotelephony) في “برانت روك” بولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة الأميركية. وبحلول عام 1915 جرى تطوير جهاز الإرسال ذي الأنبوب المفرغ باستخدام اختراعات لي دي فورست (Lee de Forest) وجون أمبروز فليمنج (John Ambrose Fleming)؛ إذ أصبح أصغر حجمًا وأقل وزنًا من المُولِّد البديل ومن ثم أقل عبئًا، وتمَّ استخدامه على نطاق واسع في الحرب العالمية الأولى حتى أواخر الخمسينات عندما تمَّ تطوير الترانزستور(7). وقد كانت كلمة “لاسلكي” تشمل وسائل اتصال أخرى، كالبرق، والهاتف، والتلغراف وغيرها، حتى تم التوصل إلى أن كلمة “راديو” تُعد المصطلح الأنسب لمقتضيات المفهوم.
وفي اللغة العربية كانت كلمة “راديو” تُطلق على جهاز الإرسال (محطة الراديو) وجهاز الاستقبال (المذياع) معًا، وتمَّ تعريبها إلى الإذاعة المسموعة (محطة الإذاعة)، والمذياع فيما يخص جهاز الاستقبال الذي يعني في أغلب اللغات: الإرسال أو البث المنظم للكلام، والموسيقى والمعلومات عن طريق الصوت، وتُستقَبل من قبل جمهور متعدد وفي أماكن مختلفة في نفس الوقت. فكلمة إذاعة تُطلق على الدار التي تنشر الأخبار بواسطة الجهاز اللاسلكي(8)، وتُطلق أيضًا على الاتصال بالراديو، أي إرسال واستقبال الكلمات والإشارات الصوتية على الهواء لاسلكيًّا(9). وتعني كلمة “راديو” كاصطلاح هندسي الإرسال والاستقبال اللاسلكي للنبضات أو الإشارات الكهربائية بواسطة موجات كهربائية، واصطلاحًا تعني إرسال واستقبال الكلمات والإشارات الصوتية على الهواء لاسلكيًّا(10).
خصائص الإذاعة
تُعد الإذاعة من وسائل الإعلام الأقل كلفة؛ إذ يمكنها الوصول إلى مختلف الأفراد والمجتمعات، وأيضًا التقاط برامجها في مختلف المناطق مهما كانت طبيعتها الجغرافية. وتتميز الإذاعة عن وسائل الإعلام الأخرى بعدد من الخصائص، أبرزها:
- يتميز البث الإذاعي بالكلفة المنخفضة مقارنة مع وسائل الاتصال الجماهيري الأخرى، وكذلك في إعداد وإنتاج وتقديم البرامج، إضافة إلى رخص وتوافر أجهزة الاستقبال لجميع المستمعين(11).
- السرعة والفورية في نقل الأخبار والمعلومات وبث الأحداث والوقائع المهمة والمفاجئة وإذاعتها وقت حدوثها.
- تُعد الإذاعة من أكثر الوسائل الإعلامية التي تتيح للجمهور قدرًا أكبر من التخيل خلافًا للوسائل المرئية التي تضع حدودًا للخيال(12).
- أسهمت الإذاعة في خلق الإحساس الجمعي لدى الأفراد؛ إذ جعلتهم يشعرون بأنهم أعضاء في المجتمع ويمكن أن يتفاعلوا معه من خلال هذه الوسيلة(13).
- تتميز الإذاعة بخاصية الانتشار؛ ما يجعلها أداة مرافقة للفرد أين ما حلَّ وذهب.
- استطاع الراديو أن يخاطب كافة شرائح المجتمع باختلاف مستوياتها التعليمية، لذلك تُعد وسيلة مناسبة لمخاطبة فئة الأميين لتمكنها من اجتياز حاجزين هائلين عجزت المطبوعات عن اجتيازهما، وهما حاجز الأمية والرقابة(14).
- تتميز الإذاعة بالسرعة والفورية في نقل الأخبار من مواقع الأحداث؛ إذ تستطيع الإذاعة تخطي جميع العقبات التي تمنع أكثر وسائل الإعلام الأخرى من القيام بوظيفتها أو تحجبها؛ ذلك أن الاتصال الإذاعي لا يحتاج إلى وسيط؛ إذ تصل الرسالة الإذاعية مباشرة من المذيع إلى المستمع مباشرة(15). فباستخدام الموجة القصيرة والمتوسطة تصل الكلمة الإذاعية إلى أطراف العالم في أقل من 1/7 ثانية، ومع استخدام الأقمار الصناعية أصبح البث الإذاعي يصل إلى مساحة أكبر وبقوة أكثر وضوحًا(16).
- لا تحتاج الإذاعة إلى مجهود من قِبَل المستمعين؛ إذ لا تتطلب تركيزًا كاملًا لمتابعة برامجها، ولا تحتاج إلى معاناة القراءة؛ إذ يستطيع المرء الاستماع إلى برامجها ومتابعة أنشطته المختلفة وممارسة أعماله أثناء استماعه للإذاعة.
- قدرة الإذاعة على الاستحواذ وقابليتها لاستهواء الجماهير؛ ذلك أن المادة الإذاعية تصاغ في عبارات بسيطة يدرك معانيها غير المثقف، فضلًا عن استعمال المؤثرات الصوتية والموسيقية أو بعض الأغاني الخفيفة؛ مما يدفع المستمع إلى الحرص على الاستماع إليها.
- 10. تَخَطِّي حواجز المستمع، كالفقر والإعاقة البدنية والبصرية، وحواجز الزمان والمكان، والوصول إلى أبعد الآفاق، نظرًا لما تتمتع به من مرونة وسهولة الاقتناء والتشغيل. فقد أدى التقدم التكنولوجي إلى تطوير صناعة الراديو؛ إذ أمكن استخدام أجهزة خفيفة يحملها الإنسان أينما ذهب، ولهذا فإن آثار الإذاعة لا تقف عند حدٍّ بالرغم مما قد تتعرض له من أساليب التشويش في بعض الأحيان.
وظائف الإذاعة
تعددت وظائف الإذاعة في المجتمعات كوسيلة إعلامية جماهيرية من خلال تناولها لمجالات وقضايا متعددة ومهمة، مثل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، وقد تميزت الإذاعة بعدد من الوظائف التي قد تشترك فيها مع غيرها من وسائل الإعلام:
- الوظيفة الإخبارية: تقوم الإذاعة بدور الإعلام والإخبار، وذلك بتزويد الجمهور بأكبر قدر ممكن من المعلومات والمعارف ومتابعة مجريات الأحداث في أنحاء العالم. وتمثِّل الأخبار قسمًا مهمًّا في معظم الإذاعات، وتحظى بالأولوية على البرامج الأخرى؛ ذلك أن الخبر هو أساس إعلام الناس عن أحداث العالم. وقد أصبح البحث عن الأخبار ونشرها جوهر صناعة الإعلام المعاصر، ويؤكد الواقع العالمي المعاصر أن الخبر أساس المعرفة.
- وظيفة التوجيه والإرشاد: تقوم الإذاعة بدور أساسي في التوجيه والإرشاد وطرح المواقف والاتجاهات من خلال ما تُقدِّمه من مواد إعلامية تعمل على إحداث تغييرات في اتجاهات الجمهور، الذي يفضل البساطة والبعد عن التعقيد والتكرار والتنوع، إضافة إلى استخدام لغة بسيطة قريبة من الجمهور المستهدف(18).
- الوظيفة التربوية والتعليمية: تُعد من الوظائف الرئيسية للإذاعة نظرًا لما تقوم به من دور تعليمي مباشر لجميع فئات المجتمع، وتعمل على تنمية الوعي بالقضايا المجتمعية والمحلية والعالمية وتساعد على تنشئة الأجيال؛ إذ تقوم الإذاعة بتعديل وتغيير سلوكيات واتجاهات المستمعين وإكسابهم اتجاهات جديدة وتثبيتها عبر البرامج المختلفة(19).
- الوظيفة التثقيفية: تقوم الإذاعة بنقل الأفكار والمعلومات التي تحافظ على ثقافة المجتمع وتقاليده والحفاظ على التراث، وتقوم بنشر المعلومات المختلفة السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية والفنية بهدف توسيع آفاق الأفراد.
- وظيفة نقل التراث الثقافي: تشترك الإذاعة مع وسائل الإعلام الجماهيرية في وظيفة نقل التراث الثقافي المحلي للدول؛ إذ يتم نقل التراث من جيل إلى جيل آخر، وتكتسب أهميتها من حاجة كل مجتمع إليها في إحداث تطور آمن ومتوازن. وتزيد الإذاعات من التآلف والتماسك بين أفراد المجتمع وجماعاته من خلال توسيع قاعدة السلوك والخبرات المشتركة، وتحافظ على عملية التكيف الاجتماعي، وتحافظ أيضًا على التماثل والتوافق الثقافي(20).
- وظيفة التسلية والترفيه: تقوم الإذاعة بوظيفة الترفيه من خلال مجموعة من المواد التي تشمل الأغاني والموسيقى والبرامج الترفيهية المتنوعة، كما تحتوي برامج الإذاعة على زوايا مخصصة للتسلية(21).
البث الإذاعي: (Radio Broadcasting, Radiodiffusion)
يتكون مصطلح البث الإذاعي من مفردتين، هما: البث والإذاعي، والبث مصدر الفعل بثَّ بَثَثْتُ، يَبُث، ابْثُثْ/ بُثَّ، بَثًّا، فهو باثٌّ، والمفعول مَبْثوث، بثَّ الخبرَ ونحوه، أذاعه وأشاعه، والإذاعي اسم منسوب إلى الإذاعة (انظر مصطلح الإذاعة)، ويقابله في الإنجليزية (Radio Broadcasting)، توافقًا مع مفهوم نقل الصوت عبر الراديو. وفي الفرنسية تفيد (radiodiffusion)النقل بالراديو. وتتوافق معاني المصطلح في اللغات الثلاث على أن البث الإذاعي هو “نقل البرامج الإذاعية والتلفازية إلى الجماهير بطريقة مباشرة، أي عن طريق النقل الأرضي أو عن طريق منصات الكابلات أو الأقمار الصناعية(22).
التطور التاريخي للبث الإذاعي
كانت بداية ظهور البث الإذاعي في القرن التاسع عشر نتيجة مجموعة متلاحقة وعديدة من التجارب والاختراعات، وتطور علوم الفيزياء والرياضيات والفلك وغيرها، وأهمها اختراع الكهرباء والتلغراف اللاسلكي، عام 1885، على يد كل من جوجليلمو ماركوني (Guglielmo Marconi)، وألكسندر بوبوف (Alexander Popov)، اللذين توصلا إلى تطوير البث اللاسلكي(23). ففي أوائل عام 1890 استطاع ماركوني اكتشاف الإذاعة الصوتية بعد أن تمكن من ابتكار جديد بإرسال إشارات كهرومغناطيسية من خلال الهواء. وقام بتسجيله عام 1896 الذي كان ثمرة لأبحاثه وجهود العديد من العلماء من قبله ممن قاموا بالكثير من الأبحاث والتجارب وتوصلوا إلى العديد من الاكتشافات، ومن أهمها اكتشاف الموجات اللاسلكية والموجات الكهرومغناطيسية على يد العالم الإنجليزي، ولیر ستروجون، عام 1837(24)، وكان لهم دور مهم في إنتاج أطوال الموجات اللازمة للإرسال. كما يرجع الفضل إلى العالم الإسكتلندي الأصل، جيمس ماكسويل (James Maxwell)، الذي وضع النظرية الرياضية للموجات الكهرومغناطيسية، عام 1865، وأثبت أن هذه الموجات يمكن أن تنتقل خلال الهواء بسرعة الضوء(25). وواصل العالم الألماني، هينريش هيرتز (Heinrich Hertz)، استكمال ما قام به ماكسويل، وبرهن على صدق نظريته في توليد موجات مغناطيسية وبثها عبر الفضاء الخالي عام 1888؛ إذ استطاع قياس طول الموجات الكهرومغناطيسية وسرعتها، واكتشف أنها تساوي سرعة الضوء؛ إذ كان له الفضل في اكتشاف الموجه القصيرة عام 1888. وقد مكَّنه ذلك من إنتاج الأمواج الكهرومغناطيسية المسماة بأمواج هيرتز، أو أمواج الراديو، وبدراسته لهذه الموجات أثبت أنها ذات موجات طويلة، ولها خواص الانعكاس والانكسار والاستقطاب.
وفي بداية القرن العشرين نجح ماركوني، بناء على نتائج وأبحاث العالم هيرتز، في عبور الأطلنطي من قناة “كيب كود” (Cape Cod) بولاية ماساتشوستس بالولايات المتحدة إلى “بولدو” (Poldhu) بـ”كورنول” بواسطة الاتصال اللاسلكي الذي أجراه بين النقطتين. وبرهن ماركوني بذلك على أن انحناءة الأرض لا تشكل عائقًا دون وصول موجات الراديو إلى المسافات الطويلة، وما أن تحقق هذا حتى سارع إلى إنكلترا، في العام 1897، ليسجل براءة باختراع التلغراف اللاسلكي لاقتناعه بأن حرية إنكلترا التجارية الواسعة ستشكل السوق المربحة والأكثر فائدة في تسويق اكتشافاته(26). واستطاع ماركوني أن يرسل، عام 1901، أول رسالة لاسلكية بالراديو عبر الأطلنطي، استخدم فيها رموز مورس ذات النقاط الثلاث التي تساوي الحرف (S)، وكان أول استخدام للراديو هو الاتصال بين السفن والموانئ(27). وتشير بعض المصادر إلى أن عام 1896 هو بداية عصر الراديو باعتباره واحدًا من العصور الأربعة للاتصالات؛ إذ اعتبرت الإذاعة العصر الثاني الذي يلي الاتصال السلكي الذي بدأ من عام 1840 إلى عام 1900 ويضاف إليه التلغراف الذي يمر عبر أعماق المحيط.
وبدأت الابتكارات تتوالى بعد ذلك، فقد ابتكر العالم الإنجليزي، جون فليمنغ، عام 1904، الصمام الثنائي، وقام بإجراء تجارب على استخدام اللاسلكي لنقل الصوت البشري والذي يمكنه من اكتشاف الإشارات(28)، واستطاع العالم الأميركي، لي دي فورست، اختراع الصمام الثلاثي الذي ساعد على تقوية الإشارات اللاسلكية، وتضخيم إشارات الراديو الذي أصبح العنصر الأساسي في مستقبل المذياع. كما تمكن العالم ريجينالد فيسيندن من إرسال الكلام عن طريق اللاسلكي من المحطة التي أقامها في ولاية ماساتشوستس الأميركية، واستطاع، عام 1906، التحدث بواسطة موجات الراديو من “برانت روك” في ماساتشوستس إلى سفن مبحرة في المحيط الأطلسي. كما قام فيسيندن ولأول مرة بنفس العام ببث الصوت الإنساني عبر الإذاعة إضافة إلى الموسيقى، وتلاه الباحث دي فورست الذي ذهب إلى فرنسا وأقام محطة إذاعية باستخدام برج إيفل في باريس، عام 1908، للإرسال الإذاعي(29)، وقام بنقل برنامج من مسرح غنائي في مدینة نيويورك، عام 1910. كما حققت الإذاعة نجاحًا كبيرًا؛ لأنها كانت سببًا في إنقاذ بحارة سفينة تجارية، بعد أن قاموا بإرسال إشارات الاستغاثة لاسلكيًّا، حيث تم إنقاذ 1180 شخصًا من ركاب سفينة تيتانيك العملاقة، عام 1912(30).
وأُنشِئت أول إذاعة بأوروبا عامة سُمِّيت بإذاعة(Lakenen Blhique) وغطى إرسالها بلجيكا وشمال فرنسا؛ حيث كانت برامجها عبارة عن أحاديث وموسيقى، واستمرت بالبث مدة ثمانية أشهر فقط(31)؛ إذ توقفت بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى، لكن استأنفت المحطة أنشطتها أثناء الحرب من خلال تقديم برامج دعائية، ومعلومات مخابراتية، واتصالات برية وبحرية وجوية. فقد كانت الإذاعة من الوسائل المهمة التي تم استخدامها خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918). إلا أن عام 1920 كان علامة فارقة بأن أصبحت الإذاعة حقيقة واقعية(32)، وكانت تقنية البث الرئيسية في هذه الفترة هي موجة الراديو التي تُسمى بـ”الموجة معدلة السعة “(Amplitude Modulation) وتُعرف اختصارًا بـ”AM” التي استخدمت لتعديل الإشارات الصوتية على موجات الحامل؛ إذ سمح ذلك بتوزيع الصوت والموسيقى وغيرها من المواد الصوتية لعدد كبير من الناس. فقد أنشأت شركة “وستنغهاوس” الأميركية (Westinghouse) محطة إذاعية (Kdka) استطاعت من خلالها نقل نتيجة انتخاب رئيس الولايات المتحدة، وارن هاردينغ، في نفس الليلة والتي أحدثت ضجة قوية في الصحافة الأميركية؛ لأنها سجلت أول نصر للإذاعة على الصحافة في نقل الأخبار(33).
وبدأ أول برنامج يومي مذاع من محطة “ديترويت نيوز” الأميركية، فيما ظهرت أول محطة إذاعية في موسكو وتبعتها عدة دول، كما تمكن الفرنسيون من إنتاج أول جهاز استقبال (راديو) في العالم؛ إذ أُنشئِت، عام 1922، محطة “برج إيفل”، وتبعتها بريطانيا في نفس العام لتُنشِئ هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” (BBC). وفي نهاية عام 1922 كان هنالك 1400 محطة في الولايات المتحدة الأميركية تبث إرسالها على الهواء، والتي كانت غالبيتها تجارية. وأنشأت ألمانيا محطة إذاعية، عام 1925، وتبعتها عدة دول في أوروبا وأميركا الجنوبية. وفي عام 1929، زاد عدد أجهزة الاستقبال ليصل إلى عشرة ملايين جهاز استقبال(34). وظهر واضحًا أن عقد العشرينات من القرن العشرين شهد انتشار وتطور البث الإذاعي، خاصة بعد أن طوَّر الفرنسيون أول جهاز استقبال، عام 1921، إضافة إلى سلسلة متسارعة من التطورات التقنية التي شهدتها أجهزة البث الإذاعي وأجهزة الاستقبال، لاسيما في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا(35).
وفي منتصف العشرينات واجه العالم مشكلة الفوضى في البث الإذاعي التي تسببت في تداخل الموجات، فتم إصدار “معاهدة هافانا”، عام 1925، التي أرست قواعد البث الإذاعي، وجعلت السيطرة عليه بيد الحكومات حسب ما جاء في المعاهدة، وهو ما رسخ سيطرة الحكومات الغربية على وسائل الإعلام آنذاك.
وفي الثلاثينات من نفس القرن طوَّر الراديو الموجة معدَّلة التردد (Frequency Modulated) التي تُعرف اختصارًا بـ”FM” كوسيلة رئيسية لنقل المعلومات والأخبار خلال هذه الفترة؛ إذ كان يُقدِّم تحديثات فورية حول الأحداث الحالية، وتوقعات الطقس، وتغطية الرياضة. وتطور أيضًا كوسيلة ترفيهية، بما في ذلك البرامج الموسيقية والعروض الكوميدية والدراما والقصص المسلسلة. وكان للبث الإذاعي تأثير كبير في الثقافة الشعبية، ودعم الفنانين والأنواع الموسيقية، وتنمية شعور المجتمع، وتحسين جودة الصوت ومقاومة التشويش، مما زاد من تجربة الاستماع إلى الراديو بشكل أكبر، وازدادت شعبية الراديو (FM) لنقل الموسيقى؛ لأنه قدم صوتًا عالي الدقة وقدرة على نقل إشارات إستريو(36). وقام العلماء والمهندسون والعاملون في مختبرات بل للهاتف (Bell Labs) باختراع الترانزستور، عام 1947، الذي حلَّ محل الصمام وتميز بعدد من المميزات؛ إذ كان جهاز الراديو في البداية كبير الحجم وبسيطًا ويفتقر إلى دقة الاستقبال. لكن ظهور الترانزستور أحدث تطورًا كبيرًا على جهاز الراديو؛ إذ تقلص حجمه ليصبح صغيرًا وقادرًا على الاستقبال بوضوح ورخيص الثمن(37)، وأصبح في متناول الجميع. كما أُدخلت عدة تحسينات على الإذاعة وازدادت البرامج التي تقدمها؛ إذ كانت الأخبار والموسيقى أول البرامج التي يتابعها المستمعون، وأصبح من الصعب أن تجد دولة في العالم تخلو من الإذاعة، وانتشرت المحطات الإذاعية المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية وباتت تشكل جزءًا حيويًّا في مجال الاتصال الجماهيري الحديث(38).
وتطور إنتاج أجهزة الراديو بتكلفة أقل لتكون في متناول الجماهير، وأُلغيت الحواجز الجغرافية والسياسية لبث الأخبار والمعلومات لمخاطبة شرائح واسعة من الناس حتى الذين لا يجيدون الكتابة والقراءة. وكشفت دراسة لمنظمة اليونسكو عن وجود 20 ألف محطة راديو في العالم مطلع الألفية الثانية، وأكثر من ملياري جهاز لدى الناس، وأن وسيلة الإذاعة لم تتأثر كثيرًا بظهور التلفاز. وترى أن الراديو أكثر الأجهزة توافرًا خاصة لدى الفقراء؛ لأنه الأقرب إليهم ولسهولة استخدامه، ورخص ثمنه مقارنة مع الوسائل الأخرى، كالتلفاز والإنترنت(39).
وفي ستينات القرن العشرين أسهم سماح لجنة الاتصالات الفيدرالية الأميركية باستخدام موجة (FM) للبث الإذاعي في اتساع مساحة انتشار الإذاعات، والذي كان له الأثر الكبير في المشهد الإعلامي العالمي. وبدأت الشركات تتنافس لامتلاك وسائل إذاعية فظهرت شبكة “إم بي إس” (MBS) التي قدمت أربع خدمات إذاعية، وظهرت شبكة “إن بي سي” (NBC) التي تمتلك 1200 محطة إذاعية مما جعلها أكبر الشبكات الإذاعية في الولايات المتحدة الأميركية(40). وبلغ عدد أجهزة الراديو في العالم 500 محطة إذاعة، عام 1965، وازدادت في السبعينات لتبلغ 790 محطة إذاعية حسب إحصائيات منظمة اليونسكو(41).
وتُعد الإذاعة الخطوة الأولى نحو ما يُسمَّى بعصر الاتصال الإلكتروني الذي تميز بالسرعة والفورية والانتشار الواسع، وأصبحت وسيلة إعلامية جماهيرية؛ إذ وُصف العالم بـ”القرية الصغيرة”، وهو المصطلح الذي صاغه عالم الاتصال، مارشال ماكلوهان (Marshall McLuhan)، عام 1967. وانتشرت المحطات الإذاعية المحلیة والوطنية والإقليمية والعالمية، وأصبحت تشكل جزءًا حيويًّا في مجال الاتصال الجماهيري الحديث(42).
لقد واكبت الإذاعة على مرِّ العقود التطورات التي شهدها مختلف وسائل الإعلام، ومرت بعدد من المراحل وظهرت أشكال جديدة للإذاعة نتيجة تطور تكنولوجيا الاتصال، التي بدأت باستخدام الموجات الطويلة في البث وصولًا للتحول إلى النظام الرقمي ليظهر ما يُسمَّى بالإذاعة الرقمية التي مكَّنت المستمعين للإذاعات من الاستماع إلى برامجهم المفضلة دون أي تشويش أو تأثير من المحطات الأخرى. فقد فتحت التقنيات الرقمية للبث الإذاعي آفاقًا كبرى أمام ازدياد أعداد المحطات الإذاعية العاملة، وتحسين نقاوة الصوت، وعدم تداخل الموجات للتشويش على عمليات البث عبر الشبكة الرقمية.
أما في الوطن العربي فيعود تاريخ الإذاعة إلى عام 1925 ببدايات ضعيفة؛ لأن المستعمر الأجنبي هو من أدخلها إلى البلاد العربية لخدمة أهدافه الاستعمارية، وكانت مصر والجزائر من أوائل الدول العربية التي عرفت الإذاعة بمبادرات فردية(43) للمطالبة بالحقوق وتثقيف الشعب وتوعيته وحثه على المقاومة. وكانت مصر أول دولة عربية تُنشِئ محطة إذاعية سُمِّيت “إذاعة القاهرة”، عام 1934، وتبعها العراق الذي أنشأ “إذاعة بغداد”، عام 1936. كما قامت قوات الاحتلال الفرنسي والإيطالي بإنشاء إذاعات في لبنان وليبيا خدمة لمواطني هذه الدول ومصالحها الاستعمارية بالدرجة الأولى. واقتصر معظم الإذاعات في الدول العربية على موجة أو موجتين، إلا أن البث الإذاعي شهد بعد ذلك تطورات كبيرة، وحرصت كل دولة على امتلاك إذاعة وطنية خاصة بها بعيدًا عن سيطرة المستعمر؛ إذ أصبحت تمثِّل رمزًا للسيادة الوطنية في الدولة. وكانت الإذاعات في أغلب الدول ملكًا للدولة تخضع لإشراف الحكومات تشغيلًا وإدارة، وتستخدمها وسيلة للتنمية وفرض النظام، وقد تراجعت الحكومات في بعض الدول العربية عن السيطرة الكاملة على المجال الإذاعي في بداية التسعينات من القرن الماضي، وظهرت القنوات (FM)، وأفسحت في المجال للإذاعات الخاصة ولم تبق حكرًا على المؤسسات الإذاعية الحكومية. وقد تنوعت البرامج الإذاعية التي تغطي مجالات متعددة للاستجابة إلى تفضيلات المستمعين، منها البرامج الإخبارية والدينية والثقافية والتعليمية والاجتماعية والقانونية والترفيهية والرياضية، وكذلك استغلتها الدول في مجال الدعاية لسياستها والتنمية. وتعددت الإذاعات في معظم أقطار الدول العربية، ولم تقتصر على العواصم، بل انتشرت الإذاعات المحلية والمتخصصة والموجهة، وقامت بعض الدول باستحداث قنوات إذاعية موجهة للخارج ناطقة بعدة لغات أجنبية للتواصل مع الجاليات العربية في الدول الأجنبية للحفاظ على تراثهم الثقافي وربطهم بالمجتمع الأصلي، أو لمخاطبة غير العرب وتعريفهم بالثقافة العربية.
الإذاعة الإقليمية Radio, Radio Regionale) Regional)
يتكون مصطلح الإذاعة الإقليمية من مفردتين هما: الإذاعة والإقليمية، (انظر مصطلح الإذاعة)، أما الإقليمية فمصدر الاسم ينسب إلى الإقْلِيمِ، هو إقْلِيمِيُّ النَّزْعَةِ: المُتَشَبِّثُ بِإِقْلِيمِهِ، ويقابل الإذاعة الإقليمية في الإنجليزيةRadio) (Regional وبالفرنسية (Radio regionale)، وتتوافق كلتاهما مع مفهوم تطوير وتثقيف المجتمعات. وتُعرَّف الإذاعة الإقليمية بأنها الإذاعة التي تبث برامجها لمناطق جغرافية محددة ومحدودة في ذات الوقت، يقطنها مواطنون متقاربون في ظروفهم الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية، وتجمعهم تقاليد وعادات وطموحات متشابهة، ويواجهون مشكلات ومطالب متشابهة. وتنطلق الإذاعة الإقليمية في أداء رسالتها ووظائفها من منطلق سمات وخصائص المجتمع باعتباره مجتمعًا محدودًا؛ مما يسهل عليها اختيار وتقديم الرسائل المذاعة، والتحكم في العملية الإعلامية، وزيادة قدرتها على التأثير(44).
وتتعدد أسماء الإذاعة الإقليمية من دولة إلى أخرى، ففي حين يُطلق عليها “الإذاعات المحلية أو الإقليمية”، وفي دول أخرى يُطلق عليها “الإذاعات الجهوية” أو “الإذاعات الجوارية”، كما تُسمَّى بالإذاعات المجتمعية في دول أخرى. وتشير جميع هذه التسميات إلى أنها إذاعات محدودة في إرسالها تخاطب مجتمعًا محددًا أو معروفًا، ويمكنها الإسهام في عملية التغيير الاجتماعي، والعمل على تلبية الاحتياجات المحلية لجمهورها وتقديم خدمات فعلية له ربما تعجز عن تقديمها الإذاعات المركزية في الدولة(45). وتخاطب الإذاعة الإقليمية جماهير مجتمعات تعيش داخل إقليم محدد طبقًا لإدارة الدولة، وقد يفصل بين هذا الإقليم والأقاليم الأخرى حاجز أو أكثر من حواجز اللغة، والدين، والحواجز العرقية، مثل الجنس واللون، والحواجز الجغرافية كأن تفصل بين الإقليم والآخر سلسلة من الجبال والأنهار والبحيرات؛ مما يجعل كل منطقة إقليمًا مستقلًّا. وتبث الإذاعة الإقليمية برامجها من عاصمة الإقليم، وتُقدِّم برامج وخدمات تهم أبناء الإقليم وبلغته أو لهجة أبنائه، كما يغطي إرسالها الإقليم بأسره وفي نفس الوقت نجدها بالضرورة في مجتمعات محلية متناسقة تجمعها مصالح متشابهة يمكن أن تنشأ بها إذاعة محلية صغيرة(46).
وتؤدي الإذاعات الإقليمية دورًا فاعلًا في تطوير المجتمعات المحلية، وإلقاء الضوء على ما يواجهها من مشكلات، والكشف عن جوانب التميز والإبداع لدى مواطنيها، والسعي لتنمية قدراتهم والارتقاء بها وإدماجهم في عمليات التنمية. وقد أشار العديد من الأبحاث إلى تنامي وتزايد معدلات الإقبال على الإذاعات الإقليمية مع ارتفاع وتيرة الفقر والبطالة، ولاسيما في الدول النامية(47)، وتزايد اهتمام الدول المختلفة بالإذاعات الإقليمية في العقدين الأخيرين؛ إذ كانت المجتمعات الغربية في الدول المتقدمة أول من طوَّر مصطلح الإعلام المجتمعي، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن العشرين، لمواكبة تحول العالم نحو النظام العالمي الجديد نتيجة شعور الأفراد بانصهار خصوصياتهم؛ مما أدى إلى تفكير هذه الدول في البحث عن وسيلة إعلام مجتمعية تخاطب الأفراد في محيطهم، وتركز على القضايا التي تهمهم، وتراعي خصوصياتهم في بقعة جغرافية محددة. وقد أعطت الدول النامية اهتمامًا واسعًا للإذاعات الإقليمية كأدوات فاعلة في أهدافها التنموية، وترجمة خططها إلى مشروعات على أرض الواقع بمشاركة ودعم الأفراد والمؤسسات المحلية(48)، من خلال المساحة التي أصبحت تمنحها للمواطنين في هذه المجتمعات للمشاركة في الحراك العام في المجتمع، بعد أن سيطرت الحكومات على موجات الإذاعة لفترات طويلة، حتى تكونت لهم وسائل إعلام خاصة بهم لا تحتكرها السلطة، وتهتم بشؤونهم اليومية على الصعيد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي مما يُعزِّز مشاركة المواطنين عبر هذه الإذاعات؛ إذ يزداد الارتباط بالإذاعات الإقليمية بما يتفق مع خصوصية المكان والثقافة السائدة وما تحمله من رسائل موجهة لكافة الشرائح في المجتمع.
الإذاعة المجتمعية (Community Radio, Radio Communautaire)
يتكون مصطلح الإذاعة المجتمعية من مفردتين هما: الإذاعة والمجتمعية، الإذاعة (انظر مصطلح الإذاعة)، أما المجتمعية فمصدر الاسم تنسب إلى مُجتمَع: اسم المفعول من اجتَمَعَ، وهي جماعة من النَّاس تربطها روابط ومصالح مشتركة وعادات وتقاليد وقوانين واحدة (مُجْتَمَع) المدينة، ويقابلها بالإنجليزية (Community Radio). وفي الفرنسية (Radio communautaire) وتتوافق معاني المصطلح في اللغات الثلاث على أن الإذاعة المجتمعية هي التي تخدم مصالح مجتمع في منطقة معينة. فقد ابتكر هذا المصطلح (الإذاعة المجتمعية) لأول مرة بويل ريفر (Powell River) في نشرة بعنوان “إمكانيات الإذاعة المحلية”(49)؛ إذ إن فكرة الإذاعة الصغيرة المحلية التي ينتجها ويتحكم فيها المواطنون كانت موجودة من طرف مذيعين هواة في الولايات المتحدة قبل الحرب العالمية الأولى(50)، إلا أن المؤرخين حددوا أن أول محطات الإذاعة المجتمعية في العالم نشأت في بوليفيا خلال إضراب عمال المناجم عام 1947، وتلتها الولايات المتحدة الأميركية عام 1948 من خلال أول بث من راديو باسيفيكا (KPFA) في بيركلي، في منطقة كاليفورنيا، التي تُعتبر أولى محطات الإذاعة المجتمعية في الولايات المتحدة بدعم من مستمعيها(51)، بينما كانت ذروة انتشار محطات الإذاعة المجتمعية في أوروبا في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. وتوالى الطلب على الإذاعات المجتمعية في أنحاء عديدة حول العالم، حيث بدأ نشطاء الإذاعات المجتمعية في الضغط من أجل الوصول إلى الأمواج الهوائية في العالم المتقدم، سواء من خلال الضغط القانوني أو البث غير القانوني. والآن تتمتع بواحدة من أكثر القطاعات الإعلامية المجتمعية صحة في العالم. أما في إفريقيا وآسيا فكان التقدم أبطأ، على الرغم من أن المحطات موجودة الآن في جنوب إفريقيا، وفيتنام، والهند، والفلبين وخارجها(52).
وتُعد الإذاعة المجتمعية “إذاعة محلية لا تهدف إلى الربح أو توزيع الأرباح، وهي مستقلة توفر المنفعة للمجتمع في التعليم والاقتصاد والتدريب وزيادة الخبرات لدى أفراد المجتمع، ومنح الفرص للمجتمعات عبر الأثير الإذاعي(53). وتُعرِّف الجمعية العلمية لمذيعي الراديو “الإذاعات المجتمعية أو الأهلية” بأنها إذاعة مملوكة يديرها أفراد غالبًا ما يكونون متطوعين لبث محتوى يصل إلى منطقة جغرافية معينة، حيث تُعد نوعًا من صحافة المواطن. ولعل العديد من الباحثين يستخدم الإذاعة المحلية والأهلية مترادفين؛ إذ إن الإذاعات المحلية ترتبط بالمجتمعات الصغيرة، وهي إذاعة غير رسمية مملوكة للمجتمع المحلي تعمل على تقديم برامج مخصصة لجمهور محدد ضمن المجتمع الكلي للدولة. وعلى الرغم من أن الإذاعة المحلية قريبة بعض الشيء من إذاعة الخدمة العامة، إلا أنها تختلف عنها باستهدافها جمهورًا محددًا ضمن مدينة أو محافظة ما، وليس المجتمع بشكل عام كما يحدث في إذاعات الخدمة العامة. فهي تبث محتوى صوتيًّا في نطاق صغير أقل اتساعًا من الإذاعة المحلية، ويملكها ويديرها أفراد وأشخاص متطوعون، وتستخدم صيغة الخطاب غير الرسمي لتكون أكثر قربًا من الجمهور المستهدف(54). وتمثِّل الإذاعة المجتمعية عملية ذات اتجاهين؛ إذ تتضمن تبادل الآراء من مصادر مختلفة، وتكييف الوسائط لاستخدامها من قِبَل المجتمعات في عالم مثالي، وتُتيح لأعضاء المجتمع الوصول إلى المعلومات والتعليم والترفيه. ففي معناها الأصلي، تُعد وسيلة إعلامية تشارك فيها المجتمعات في مجال التخطيط والإنتاج والأداء، وهي وسيلة للتعبير عن المجتمع بدلًا من أن تكون من أجل المجتمع(55).
ولمحطات الراديو المجتمعي دور مهم في تلبية احتياجات المجتمعات التي لا تخدمها بشكل كاف القطاعات الإذاعية الأخرى، وتوفر منصة لها للتعبير. ويشمل ذلك المجتمعات الأصلية، والمجتمعات العرقية والثقافية المتعددة، والتعليمية، والدينية، وشبكة القراءة الإذاعية للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، والشباب وكبار السن، والموسيقى التخصصية والفنون.
وتتميز الإذاعات المجتمعية بالتواصل الوثيق مع الجمهور المحلي؛ إذ تُدار من قِبَل لجان أو مجالس محلية، وتعتمد على عاملي التطوع ومبدأ عدم الربح. وتحصل هذه الإذاعات على مصداقيتها من كونها غير حكومية وغير ربحية، تدعمها هيئات عامة محلية أو إقليمية أو دولية، وتتميز بطابعها المجتمعي وقدرتها على توفير وسيلة ناجحة للمساهمة في معالجة قضايا مهمة، مثل البطالة، والفقر، وتسليط الضوء على مشاكل المجتمع وإيجاد حلول لها، بالإضافة إلى مساهمتها في رفع سقف الحريات من خلال توفير وسيلة تواصل مستقلة بين المواطن والجهات الرسمية. وتتنوع برامج الإذاعات المجتمعية بين البرامج التثقيفية، والترفيهية، والاجتماعية، والدينية، والرياضية، والإخبارية، وغيرها، وتستهدف فئات عمرية مختلفة وقضايا متنوعة تهم المجتمع المحلي(56). وللإذاعات المجتمعية دور كبير في بناء ونشر الوعي الثقافي من خلال برامجها الثقافية والتراثية المتنوعة، وكذلك الترويج للمنتوجات المحلية من خلال برامجها المختلفة، ومن أهم أدوار الإذاعات المجتمعية ما يلي(57):
– بناء تواصل فعال في المجتمع: تُسهِم الإذاعات المجتمعية في تعزيز التواصل بين أفراد المجتمع، وبين الجهات المحلية المختلفة، مما يعزز الوحدة والتعاون.
– توعية وتثقيف الجمهور: تُسهِم الإذاعات المجتمعية في توعية الجمهور بقضايا مهمة مثل الصحة، والتعليم، والبيئة، مما يساعد في تحسين نوعية حياتهم.
– تعزيز المشاركة المجتمعية: تشجع الإذاعات المجتمعية على المشاركة والتفاعل مع الجمهور، سواء من خلال برامج تفاعلية أو دعوة للمشاركة في فعاليات محلية.
– تعزيز الهوية الثقافية والتراثية: تُسهِم الإذاعات المجتمعية في تعزيز الهوية الثقافية والتراثية للمجتمعات المحلية من خلال برامجها وتغطيتها للفعاليات الثقافية.
– تعزيز التواصل بين الأجيال: تُسهِم الإذاعات المجتمعية في تعزيز التواصل بين الأجيال المختلفة من خلال برامج تستهدف كل فئة عمرية.
– تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان: تُسهِم الإذاعات المجتمعية في تعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان من خلال نقل المعلومات وتسليط الضوء على القضايا ذات الصلة.
– تشجيع التنمية المستدامة: تعزز الإذاعات المجتمعية مفهوم التنمية المستدامة من خلال توجيه الاهتمام إلى القضايا البيئية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات المحلية.
ونظرًا لأهمية الإذاعات المجتمعية، فقد تنبَّهت منظمة اليونسكو إلى أهمية الإعلام المجتمعي في إحداث التنمية والتطور المجتمعي، واعتبرتها أداة أساسية في إعطاء الصوت لمن أطلقت عليهم مصطلح “المهمشة أصواتهم” من أجل تفعيل الديمقراطية، وتمكينهم من التعبير عن آرائهم وأفكارهم؛ إذ تعتمد الإذاعة المجتمعية على القرب من المستمعين واستخدام الخطاب غير الرسمي، خلافًا للراديو الرسمي الناطق باسم الحكومة أو التجاري الذي يعتمد على العائد المالي(58). وقد كان للتغيرات السريعة في القيم الاجتماعية والظروف الاقتصادية والتطور التكنولوجي دور في تجديد الرؤية الإعلامية لتواكب حجم متطلبات دعم المجتمع المحلي والتصدي لعوامل التفكك الاجتماعي، باعتبار أن الإذاعة المجتمعية من أهم المؤسسات الاجتماعية التي يمكن أن يعتمد عليها المجتمع في التصحيح الناجم عن التغير الاجتماعي المواكب لتطور وسائل الاعلام، وتفعيل مشاركتهم في التنمية؛ إذ لا يمكن أن تتحقق التنمية بدون مراعاة اهتمام الأفراد داخل المجتمعات المحلية(59).
الإذاعة التجارية (Commercial Radio, Radio Commerciale)
يتكون مصطلح الإذاعة التجارية من مفردتين هما: الإذاعة والتجارية، الإذاعة (انظر مصطلح الإذاعة)، والتجاري من الفعل تاجرَ يُتاجِر، مُتاجرةً، فهو مُتاجِر، تاجر الشَّخصُ: تجَر، مارسَ البيْعَ والشِّراءَ(60). ويقابل الإذاعة التجارية في الإنجليزية مصطلح (Commercial Radio)، وفي الفرنسية (Radio Commerciale)، ويراد بها الإذاعات التي تعتمد على بث مواد ترفيهية لجذب أكبر عدد من المستمعين بهدف الحصول على إعلانات تجارية من الشركات لتحقيق أرباح مالية من وراء ذلك دون الاهتمام بقضايا ومصالح وشؤون الجمهور، فهذه الإذاعات مخصصة لتحقيق الربح الذي يذهب إلى مالكيها أو المساهمين فيها. وتتضح هذه الأولوية من خلال فحص ثلاثة عناصر برامجية رئيسية للراديو التجاري وهي: الأغاني، والحديث، والإعلانات؛ إذ تسعى هذه الإذاعات إلى جذب الإعلانات بدلًا من جذب أكبر جمهور أو استهداف جماهير هامشية. فقد أشارت الأكاديمية إيلين ميهان (Eileen R. Meehan) إلى أن المذيعين في الإذاعات التجارية يكتسبون إيراداتهم ليس عن طريق بث الرسائل أو الجماهير، ولكن عن طريق بيع نقاط التصنيف للمعلنين. ويقوم المعلنون بشراء فترات زمنية تمثِّل عددًا معينًا من نقاط التصنيف، أو حصص الاستماع لجماهير معينة. وتقوم المحطات بتشغيل الموسيقى التي تهدف إلى جذب الجمهور المستهدف إلى المنتجات التي يتم بيعها(61).
وتتشارك المحطات الإذاعية التجارية مع إذاعات الخدمة العامة في أن كلتيهما تعتمدان على الإعلانات مصدرًا رئيسيًّا للإيرادات وتستهدفان جمهورًا “شبابيًّا”، وكذلك تعتمدان على الرعاة التجاريين لتمويل عملياتهما من خلال تقديم عدد من البرامج الترفيهية والموسيقى والأخبار. وقد وُصفت الإذاعات التجارية بأنها تعمل على تقديم مجموعة محددة من المستهلكين إلى المعلنين والتي عُرفت باسم شريحة “فونتال وميلز”(62)، كما تقوم الإذاعات التجارية باستغلال فترات الأزمات أو مشكلات مجتمعية التي تواجه الدول وذلك من خلال تغطية هذه الأحداث في محاولة سد الفجوة التي تتركها الوسائل الإعلامية الأخرى(63). وينحصر دور الحكومة في إطار الإذاعة التجارية في توزيع الترددات وتقديم الرخص المحددة لها مقابل رسوم مالية عالية، كما تشرف الحكومة وتراقب محتويات البرامج التي تبثها هذه الإذاعة والتي تحددها الدولة.
وتُعد الإذاعة التجارية وسيلة إعلانية مهمة تستقطب المستمعين لما تتمتع به من قدرة على إطلاق الخيال والإيحاء وإثارة المستمعين، من خلال التوظيف الأمثل للإمكانيات البشرية والمادية لدى هذه الإذاعات من أجل الحصول على أعلى العوائد المالية(64)؛ إذ تعمل على تنويع برامجها لاستمالة المستمعين؛ لأن المعلنين بهذه الإذاعات لا يدفعون ثمن إعلاناتهم إلا بعد التأكد من متابعتها من قِبَل أكبر عدد ممكن من الجمهور. كما تولي اهتمامًا بالغًا لنتائج بحوث المستمعين؛ لأنها ترى في هذه النتائج المرجع الرئيسي في رسم سياستها الإذاعية. ومن ناحية أخرى، يعمد القائمون على هذا النوع من الإذاعة إلى إرضاء جميع رغبات جمهورها من المستمعين، والتي تدور حول موضوعات واهتمامات معينة؛ إذ لا يمكن أن تحقق أهدافها الربحية إلا إذا كانت تلبي احتياجات مستمعيها وتشبع رغباتهم وأذواقهم.
الإذاعة التليفزيونية (Radio Television, Radio-télévision)
مصطلح إذاعة تليفزيونية يتكون من مفردتين، هما: الإذاعة والتليفزيونية، الإذاعة (انظر مصطلح الإذاعة)، والتليفزيونية اسم منسوب إلى التليفزيون، وتليفزيون: جهاز لاستقبال الصور والأصوات المذاعة بالأمواج الكهرومغناطيسية(65)، وتم تعريف مصطلح التليفزيون عن اللغة الإنجليزية (Television) بصورة تلفاز بالكسر على وزن تِفْعال. ويُشتق منها فعل، فيقال تَلْفـز يتلفز تلفزة، أما في اللغة الفرنســية، فــإن كلمة (Télévision) مركبة من اللغة اليونانية (Tele) بمعنى عن بُعد، ومن الكلمة الفرنســية (Vision) بمعنى الرؤية، والإذاعة المرئية أو الراديو المرئي (Visual Radio) أحد مسميات التليفزيون، وهي نموذج المحطات التي تقدم برامجها بشكل مزدوج مسموع ومرئي عبر الشاشات الفضائية في آن واحد، ويتفرد هذا النوع من النماذج الإذاعية في كونه له خصوصية لا تجعله يتطابق أو يشبه الإذاعة التقليدية أو القنوات التليفزيونية، بل يأخذ من تجاربها ويمزج بينها ويتفرد بمجموعة من الخصائص المزدوجة التي تجمع بين موادها وبرامجها المسموعة والمرئية(66).
وقد ظهر شكل جديد من أشكال الإذاعات، الذي اعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الحديثة، فظهرت الإذاعات المسموعة المرئية أو الراديو المرئي على شبكة الإنترنت؛ إذ احتفظت هذه الإذاعات بشكلها التقليدي كإذاعة، وتم إدخال العنصر المرئي. وأصبحت تمثِّل تحديًا للإذاعة التقليدية من خلال تفوقها في بعض الخصائص التي تتميز بها، ويطرح التساؤل حول ديمومة الإذاعة أمام التطور السريع لوسائل الاتصال منذ التطور الهائل والسريع في وسائل الإعلام كافة لما اشتدت سطوة السينما إلى ظهور الشبكة العنكبوتية التي تمتد خيوطها في كل الاتجاهات والمواقع(67). فقد أتاحت هذه الشبكة الاتجاه نحو علاقة تكامل واندماج حقيقية بين وسائل الإعلام التقليدية، كما أسهمت في تعظيم الأثر الاتصالي للعملية الإعلامية من خلال ما تتوفر عليه من عناصر مقروءة ومسموعة ومرئية، بالإضافة إلى ظهور معظم وسائل الإعلام التقليدية من إذاعات ومحطات تلفاز وصحف على شبكة الإنترنت.
لقد أخذت الإذاعة التليفزيونية بشكلها الجديد والجذاب مكانة بارزة لمواكبة التطور ومنافسة الوسائل الأخرى على الساحة الإعلامية والاحتفاظ بجمهورها بل واجتذاب جمهور جديد؛ إذ إن الاستماع أو مشاهدة البث الإذاعي من خلال الإنترنت ليس فقط لمن يتاح لهم البث، بل لمن هم أبعد بآلاف الأميال، حيث لم يعد هناك تقيد بنطاق بث محدد للحصول على البث الإذاعي الحي. وقد أتاحت هذه النقلة الكبيرة للإذاعة التطور ليس فقط في الشكل بل فتحت مجالًا لتطوير المضمون حتى تلائم الاحتياجات الجديدة للجمهور في ضوء الاستخدام المتزايد لوسائل الإعلام الجديدة، ومنها الإذاعات التليفزيونية عبر الإنترنت التي انتشرت بصورة كبيرة، وأصبحت تعتمد على الوسائط المتعددة التي دمجت الصوت والصورة والفيديو. وازدادت أهمية القوة التأثيرية للإذاعة والتليفزيون نظرًا لازدياد المشكلات الاجتماعية والثقافية والتعليمية والتربوية بشكل كبير؛ مما جعل هذه الوسائل أكثر أهمية في حياة الأفراد، ولهذا أصبحت العناية بهاتين الوسيلتين لما تقدمه من برامج متنوعة يمكنها التأثير في أفراد المجتمع لتحقيق بعض أهداف التنمية الفكرية والاجتماعية.
الإذاعة الحكومية (Government Radio, Radio Gouvernementale)
يتكون مصطلح الإذاعة الحكومية من مفردتين، هما: الإذاعة والحكومية، فالإذاعة (انظر مصطلح الإذاعة)، وحكومية اسم منسوب إلى الحكومة، حُكومة: حُكْم وقضاء يصدر في قضية، وفي الإنجليزية (Government Radio)، ويقابلها في الفرنسية (Radio gouvernementale). وتتوافق معاني مصطلح الإذاعة الحكومية في اللغات الثلاث، وهي وسائل إعلامية مملوكة للحكومات، تعمل تحت إشراف وسيطرة الدولة، وتنقل رسائل وبرامج تعبِّر عن سياسات الحكومة وتعكس ثقافتها وقيمها(68)، وتموَّل من خزينة الدولة وتشرف على مضمون برامجها، وتحدد الأهداف التي يجب أن تعمل الإذاعة على تحقيقها، وهذا النمط من الإذاعات موجود في أغلب الدول العربية والنامية. وتعمل هذه الإذاعات في كثير من الأحيان منصة لنشر المعلومات الحكومية وتعزيز السياسات الرسمية، وبث الأخبار والشؤون الحالية، وأحيانًا تقديم برامج ترفيهية، ويمكن أن يكون لها دور مهم في تشكيل اتجاهات الرأي العام والحفاظ على التواصل بين الحكومة والمواطنين؛ إذ تُعد أحد العوامل المؤثرة في عملية الاندماج الاجتماعي، وناقلًا رئيسيًّا للثقافة، وأداة تُحدد اختيار الأفراد في علاقتهم مع الآخرين وبيئتهم. وللحكومة حصريًّا حق منح رخص إنشاء الإذاعات وتوزيع الترددات. كما تتبع الإذاعة الحكومية إحدى الوزارات أو المديريات، وقد يتخذ هذا النوع من الإذاعة شكل هيئة مستقلة ماديًّا وإداريًّا، إلا أنها تخضع لإشراف الحكومة بشكل مباشر نظرًا لما تقوم به من رسم سياساتها الإعلامية وتحديد أهدافها وفق المصلحة العامة للدولة، ويلقى على عاتق هذه الإذاعة مسؤولية مجتمعية في توحيد الفكر والمشاركة في عملية التنمية، والحفاظ على الأخلاق والنظام العامة، والتوعية بالشائعات ودحضها، والارتقاء بالمستوى الثقافي والتعليمي للمستمعين.
ويختلف نمط ملكية الإذاعة وتنظيم البث من دولة إلى أخرى، إلا أن القاعدة العامة هي نوع النظام السياسي الذي يؤثر بشكل أساسي على الطريقة التي تنظم بها وسائل الإعلام. ففي الدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة الأميركية، لا توجد إذاعات حكومية بالمعنى التقليدي الذي يشير إلى تملك الحكومة وإدارتها ف في نمط الملكية والتشغيلالتشغيل الجماهير ذلك مبممباشرة للإذاعة وإنما هناك شبكات إذاعية تابعة للقطاع العام، ولكنها غالبًا ما تكون مستقلة في تشغيلها وتمويلها، وتُعرف بشبكات البث العام مثل (Public Broadcasting Networks)، وخدمة الإذاعة العامة (Public Broadcasting Service)، والإذاعة الوطنية العامة (National Public Radio). فهذه الشبكات تعتمد على تمويل جزئي من الحكومة، بالإضافة إلى التمويل الذي يأتي من المساهمين الخاصين والجمهور. أما في بريطانيا، فهناك هيئة الإذاعة البريطانية، “بي بي سي”، وهي مؤسسة إعلامية عامة تعمل تحت ميثاق ملكي، لكنها مستقلة عن الحكومة فيما يتعلق بالسياسة التحريرية، وتتبع مبدأ “الحفاظ على مسافة” بين الدولة ووسائل الإعلام(69).
وقد بدأت الحكومات بالعمل على تعديل وإجراء تغييرات في سياساتها عبر وسائل الإعلام، وخاصة الإذاعة، نظرًا للتحولات التكنولوجية المتسارعة التي شهدها العالم في مجال الاتصال، ودخولها أطوارًا جديدة من الانفتاح والانخراط في مسارات الإصلاح والتحديث والتعددية، دفعتها إلى التحرر من بعض الضغوط والقيود السابقة وتوسيع هامش الحرية الفكرية وفق مبادئ الموضوعية لتلبية حاجات الجمهور وخدمته نظرًا للمنافسة الشديدة بين الإذاعات، والتطورات المتلاحقة بفعل الثورة الرقمية التي تتيح للجمهور البحث عما يناسب أذواقه وتوجهاته، في الوقت الذي تحافظ الإذاعات الحكومية على الثقافة الوطنية والانتماء وإشاعة قيم التسامح وتحقيق التنمية المجتمعية الشاملة.
الإذاعة الرقمية (Digital Radio, Radio Numérique)
يتكون مصطلح إذاعة رقمية من الإذاعة والرقمية، فالإذاعة (انظر مصطلح الإذاعة)، أما الرقمية فتعود إلى الاسم رقمي وهي كلمة أصلها من اسم مؤنث منسوب إلى رَقْم، لغة رقميَّة: لغة تُعدُّ خصِّيصًا طبقًا لقواعد معيَّنة لتستخدم في الحاسبات الإلكترونية كوسيلة للعمل بها(70)، ويقابل مصطلح الإذاعة الرقمية في الإنجليزية (Digital Radio)، وفي اللغة الفرنسيةRadio numérique) ). وتتعدد أسماء مصطلح الإذاعات الرقمية، فهناك “إذاعة الإنترنت” أو “راديـو الإنترنت” أو “إذاعـة الشـبكة” أو “راديـو نـت”، ولكنها اصطلاحات تشــير إلــى اســتخدام الإنترنت فــي تقديــم الخدمــات الإذاعية تقنيًّا وتشغيلها؛ ذلك أن المواد الإذاعية المقدمة من خلال الويب أو الإنترنت لا يتم إرسالها عبر الخطوط السلكية، لذا تطلق التسمية إذاعة ويب(71). ويقصد بالإذاعة الرقمية الإذاعات التقليدية المعروفة التي تذاع من خلال شبكة الإنترنت فضلًا عن بثها لبرامجها عبر الأثير، وكذلك الإذاعات التي لا تبث برامجها إلا من خلال شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
وقد أدى التزاوج بين تكنولوجيا الاتصال والحاسب الآلي، وظهور الإنترنت كوسيلة اتصال، إلى ظهور العديد من تطبيقات الإعلام الجديد، مثل الصحافة الإلكترونية، والتليفزيون الكابلي، والراديو الرقمي أو ما يعرف براديو الإنترنت، وهو الشكل الثالث من الراديو الرقمي، وتقوم فكرته على أن تبث بعض محطات الراديو التقليدية الأرضية إرسالها عبر شبكة الإنترنت، إضافة إلى وجود العديد من محطات راديو الإنترنت التي ليس لها محطات تقليدية(72). ويعود ظهور راديو الإنترنت إلى التسعينات من القرن الماضي على يد الأميركي، كارل مالامود (Carl Malamud) ، عام 1993، الذي أنشأ محطة (Radio Talk Internet) في ولاية كاليفورنيا، حيث كانت تبث برامجها خلال فترة محددة من اليوم، وتعد محطة راديو(KJHL Radio) أول محطة إذاعية عبر الإنترنت تبث برامجها طوال اليوم(73). لقد أسهمت شبكة الإنترنت في تعظيم الأثر الاتصالي للعملية الإعلامية من خلال ما يتوافر من عناصر مقروءة ومسموعة ومرئية، بالإضافة إلى أن معظم وسائل الإعلام التقليدية تحولت من إذاعات ومحطات تلفاز وصحف إلى صحافة أو إذاعة أو فضائيات تليفزيونية أو مواقع إلكترونية(74).
وتُعد الإذاعات الرقمية من أبرز الظواهر التكنولوجية التي ظهرت في مجال تكنولوجيا الإنترنت، ويتميز البث الإذاعي الرقمي بالعديد من السمات، وأبرزها: انخفـاض تكلفـة إدارة الخدمـة الإذاعية وتشـغيلها، وإمكانية وصولهـا إلـى أي مسـتمع يسـتخدم الشـبكة فـي أي مـكان فـي العالـم، وقدرتها على الوصول إلى مناطق جغرافية شاسعة بما فيها المناطق النائية؛ إذ يتم التغلب على العوائق الطبوغرافية. كما يمكن التمتع بمواد وخدمات عالية الجودة سواء في المنازل أو السيارات، وتتميز بقدرتها على حمل عدد كبير من القنوات الإذاعية ما يجعل الجمهور يختار ما يناسبه وذلك بتوافر بدائل عديدة، وساعدت أيضًا على فتح الآفاق للتجديد وخلق خدمات إذاعية جديدة خاصة التي تراعي متطلبات الجماهير(75). كما أن نظام البث الإذاعي الرقمي يتيح عرض معلومات مرتبطة بالمضمون الإذاعي على شاشة جهاز الراديو مثل أحوال الطقس، وعناوين الأخبار، ونتائج المباريات، وأسعار الوقود وغيرها من البيانات، وكذلك تتيح أجهزة الاستقبال الرقمية للمستمع إمكانية التوقف عند برنامج ما مع القدرة على استئنافه لاحقًا؛ إذ تتميز أجهزة الالتقاط الرقمية بالقدرة على التعرف لوحدها على المحطات الجديدة عند الانتقال من منطقة إلى أخرى، وكذلك تقتصد أجهزة الإرسال الرقمية في الطاقة؛ إذ إنها أقل تلويثًا للمحيط خاصة في انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يعتبر عاملًا رئيسيًّا لمشكلة الاحتباس الحراري(76).
وتتسم الإذاعات الرقمية بعدد من السمات أبرزها أنها برامج صوتية تبث عبر شبكة الإنترنت، وتقدم خدماتها من خلال الويب، وتعرف بالبث الشبكي؛ لأنها تقدم خدمة صوت مرسلة عبر شبكة الإنترنت(77)؛ إذ إن هناك نوعين من راديو الإنترنت: أولًا: المحطات الإذاعية التقليدية التي حرصت على إنشاء محطات لها عبر الإنترنت إما مماثلة أو مختلفة للإذاعات التقليدية، وتخضع لقوانين البث الإذاعي من حيث الحصول على التراخيص والتصاريح لإنشائها، وثانيًا: المحطات الإذاعية التي ليس لها محطات إذاعية تقليدية أرضية أو فضائية وتبث عبر الإنترنت فقط ولا تخضع لقوانين البث الإذاعي(78). وبذلك فإن الإذاعات الرقمية تتميز بقدرتها على بث إرسال أكثر نقاء ووضوحًا وجودة عالية للصوت، مقارنة بالإرسال الذي يبث عبر موجات (FM) و(AM)(79). كما تتميز بإمكانية الضبط السهل لأجهزة الراديو وعرض الخدمات النصية، وتقديم إمكانيات مختلفة وحديثة على خدمات الراديو المعروفة(80)، فقد استطاعت هذه الإذاعات أن توفر للفرد راديو خاصًّا به على شبكة الإنترنت، وأن يستمع للمحتوى البرامجي الذي يفضله في أي وقت شاء، وهو ما لفت إليها نظر المعلنين كوسيلة مختلفة اجتذبت قطاعات مختلفة من الجماهير لاسيما الشباب(81). كما تميزت بسهولة التعرض والاستخدام من خلال جهاز الهاتف المحمول الذي يسهل معه الوصول إلى الإنترنت في أي وقت ومكان(82)؛ إذ أتاح راديو الإنترنت للجمهور تبادل الأفكار والمعلومات والآراء عبر استخدامه لمواقع هذه الإذاعات؛ مما ساعد في البناء الثقافي والقيمي للمجتمع من خلال محتوى إذاعي خاص ومتنوع.
لقد كان للتطورات التكنولوجية دور فيما شهدته الإذاعة من تحول كبير للاتجاه نحو شبكة الإنترنت من خلال الاعتماد على المواقع الإلكترونية والتطبيقات الذكية لبث محتواها، مما سمح لها بتوسيع نطاق تغطيتها والوصول إلى أعداد متباينة من الجمهور في مناطق مختلفة من العالم لما توفره هذه الإذاعة من فرص كبيرة لصنَّاع المحتوى في إنتاج المحتوى الإذاعي. فهي لا تُقيد صناع المحتوى بالقيود التقليدية المرتبطة بالإذاعات الأرضية، مما يتيح لهم فرصًا للتجارب والتفاعل المباشر مع الجمهور، إلا أن ظهور وانتشار الإذاعات الرقمية قد يطرح عدة تساؤلات حول طبيعة ومستقبل الإذاعة، فمن ناحية تم كسر احتكار الحكومة لوسائل الاتصال الإلكترونية ورسائلها التي تعد أداة لتحقيق الاندماج الاجتماعي وعكس الثقافة الوطنية من خلال نقل المعلومات لكل فئات المجتمع، ومن ناحية أخرى تزايدت الضغوط لإتاحة الفرصة للجماهير للتعبير عن آرائهم دون قيود، وكذلك أتاحت للعامة البحث عن مناخ ربح في العالم الافتراضي الواسع.
المراجع
(1) “تعريف كلمة إذاعة”، المعاني، (تاريخ الدخول: 1 أبريل/نيسان 2024)، https://rb.gy/nch3iw.
(2) إسماعيل أبو جلال، الإذاعة ودورها في الوعي الأمني، (عمان، دار أسامة للنشر والتوزيع، 2012)، ص 22.
(3) إبراهيم إمام، الإعلام الإذاعي والتليفزيوني، ط 2 (القاهرة، دار الفكر العربي، 1985)، ص 256.
(4) كرم شلبي، معجم المصطلحات الإعلامية: إنكليزي- عربي، ط 2 (بيروت، دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع، 1994)، ص 893.
(5) نسمة البطريق، الكتابة للإذاعة والتليفزيون، (القاهرة، الدار العربية للنشر والتوزيع، 2009)، ص 92.
(6) سلوى عبد الجواد، أمل غباري، الاتصال الاجتماعي في الخدمة الاجتماعية بين النظرية والتطبيق، ط 1 (الإسكندرية، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، 2012)، ص 174.
(7) Julia Spiker, “The Development of Radio,” Journalism and Mass Communication, Vol. 1, (2009): 105-120.
(8) أحمد زكي بدوي، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، (بيروت، مكتبة لبنان، 1982)، ص 210.
(9) أحمد عليق وآخرون، وسائل الاتصال والخدمة الاجتماعية، (الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 2004)، ص 126.
(10) هناء بدوي، وسائل الاتصال في الخدمة الاجتماعية والمجتمعات النامية، (الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 2001)، ص 130.
(11) جمال العيفة، مؤسسات الإعلام والاتصال: الوظائف، الهياكل، الأدوار، (القاهرة، ديوان المطبوعات الجامعية، 2010)، ص 109.
(12) محمد حسن إسماعيل، مبادئ علم الاتصال ونظريات التأثير، ط 1 (القاهرة، الدار العالمية للنشر والتوزيع، 2003)، ص 166.
(13) محمد القوزي، نشأة وسائل الاتصال وتطورها، ط 1 (بيروت، دار النهضة العربية،2007)، ص 22.
(14) كرم شلبي، فن الكتابة للراديو والتليفزيون، ط 1 (جدة، دار الشروق، 1987)، ص 19.
(15) محمود أدهم، فن الخبر: مصادره، عناصره، مجالاته، الحصول عليه، تطبيقاته العملية، ط 2 (القاهرة، 1987)، ص 180.
(16) العيفة، مؤسسات الإعلام والاتصال، مرجع سابق، ص 108.
(17) طارق الشاري، الإعلام الإذاعي، (عمان، دار أسامة للنشر، 2010)، 110-111.
(18) باسم حوامدة وآخرون، وسائل الإعلام والطفولة، ط 1 (عمان، دار جرير للنشر والتوزيع، 2006)، ص 17.
(19) عامر دليلة، “البعد التربوي والتعليمي في البرامج الإذاعية الموجهة للطفل: دراسة تحليلية وصفية لعينة من برامج الأطفال في الإذاعة الجزائرية”، مجلة الحكمة للدراسات التربوية والنفسية (جامعة الجزائر 3، الجزائر، المجلد 1، العدد 1، يناير/كانون الثاني 2013)، ص 50-60.
(20) علي عجوة وآخرون، مقدمة في وسائل الاتصال، ط 1، (السعودية، مكتبة مصباح، 1989)، ص 62.
(21) محمود فهمي، الصوت والصورة، ط 1 (القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1959)، ص 105.
(22) جرجس ميلاد، الإذاعة والتليفزيون كظاهرة عالمية، ط 1 (عمان، دار غيداء للنشر والتوزيع، 2020)، ص 34.
(23) منال المزاهرة، الاتصال الدولي، ط 2 (عمان، دار المسيرة للنشر والتوزيع، 2020)، ص 75.
(24) ماجي الحلواني، مقدمة في الفنون الإذاعية والسمعبصریة، (القاهرة، مركز جامعة القاهرة، 1999)، ص 11.
(25) المرجع السابق، ص 15.
(26) Eugene Foster, Understanding Broadcasting, (USA: Addison Wesley Publishing Company, 1982), 495-496.
(27) العيفة، مؤسسات الإعلام والاتصال، ص 108.
(28) رشدي الحديدي، فن الراديو، ط 2، (القاهرة، مطبعة الدجوى، 1961)، ص 2.
(29) جون بتير، الاتصال بالجماهير، ترجمة عمر الخطيب، (القاهرة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1987)، ص 11.
(30) منال المزاهرة، الاتصال الدولي، مرجع سابق، ص 75.
(31) علي الكبيسي، “مفهوم التقنيات الإذاعية والتليفزيونية”، جامعة الأنبار، 2020، (تاريخ الدخول: 2 أبريل/نيسان 2024)، https://rb.gy/7yekbd.
(32) ماجي الحلواني، مدخل إلى الإذاعات الموجهة، ط 2 (القاهرة، دار الفكر العربي، 2002)، ص 17.
(33) أنطوان الناشف، البث التليفزيوني والإذاعي والبث الفضائي، (بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، 2003)، ص 112.
(34) فضيل ديلو، تاريخ وسائل الإعلام والاتصال، (القاهرة، ألفا للوثائق للنشر، 2018)، ص 136.
(35) مصطفى الطائي، الفنون الإذاعية والتليفزيونية وفلسفة الإقناع، ط 1 (الإسكندرية، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، 2007)، ص 22.
(36) Ibikunle Olayiwola, Doyinsola Dada, “Radio broadcasting in the digital age: Adapting to the challenges of the 21 st century,” International Journal of Advanced Mass Communication and Journalism, Vol. 4, No. 2, (2023): 36-44.
(37) Colin Fraser, Sonia Restrepo-Estrada, Community Radio Handbook, (UNESCO, 2001), 4.
(38) عبد الله عبد الرحمن، سوسيولوجيا الاتصال والإعلام، ط 1 (القاهرة، مكتبة المتنبي، 2014)، 21.
(39) Colin Fraser, Sonia Restrepo-Estrada, “Community Radio for Change and Development,” Development, Vol. 45, (2002): 69-73.
(40) محمد منير حجاب، وسائل الاتصال: نشأتها وتطورها، (القاهرة، دار الفجر للنشر والتوزيع، 2008)، ص 64.
(41) إبراهيم المسلمي، نشأة وسائل الإعلام وتطورها، (القاهرة، دار الفكر العربي، 2005)، ص 306.
(42) عبد الله عبد الرحمن، سوسيولوجيا الاتصال والإعلام: النشأة التطورية والاتجاهات الحديثة والدراسات الميدانية، ط 1 (الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، 2006)، ص 34.
(43) دلو، تاريخ وسائل الإعلام والاتصال، مرجع سابق، ص 136.
(44) طارق الخليفي، الإعلام المحلي في عصر المعلومات، (بيروت، دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، 2020)، ص 83.
(45) ريم الشريف، “تقويم أداء الإذاعات الإقليمية المصرية وسبل تطويرها: دراسة على القائم بالاتصال”، المجلة العلمية لبحوث الإذاعة والتليفزيون (جامعة القاهرة، كلية الإعلام، القاهرة، العدد 25، يونيو/حزيران 2023)، ص 215-255.
(46) عبد الحميد شكري، الإذاعات المحلية لغة العصر، (القاهرة، دار الفكر العربي،1987)، ص 14-15.
(47) عواطف الحجايا، دور الإذاعات المجتمعية في دعم التنمية بالأردن، (رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الإعلام، جامعة الشرق الأوسط، الأردن، 2018)، ص 13.
(48) صالح حميد، دور الإذاعات المحلية في ترسيخ الوحدة الوطنية، (عمان، دار غيداء للنشر والتوزيع، 2012)، ص 105.
(49) Rachel Powell, Possibilities for Local Radio. Occasional Paper No. 1, University of Birmingham Centre for Contemporary Cultural Studies, (1965): 9.
(50) Bart Cammaerts, “Community radio in the West: a legacy of struggle for survival in a state and capitalist controlled media environment,” International communication gazette, Vol. 71, No. 8, (2009(: 635-654.
(51) Simon Partridge, NOT the BBC/IBA: The Case for Community Radio, (London: Comedia Publishing Group, 1982), 55.
(52) Ally Fogg et al., Community Radio Toolkit, (Manchester: Radio Regen, 2005), 10.
(53) عبد الباسط الحطامي، مقدمة في الإذاعة والتليفزيون، (عمان، دار أسامة للنشر والتوزيع، 2015)، ص 209.
(54) Fraser, Restrepo-Estrada, Community Radio Handbook, 7.
(55) Lumko Mtimde et al., “What is Community Radio? AMARC Africa and Panos Southern Africa, 1998, “accessed May, 16, 2024”. https://rb.gy/npk6hk.
(56) محمد قيراط، الإعلام والمجتمع الرهائن والتحديات، (عمان، دار الفلاح، 2001)، 358.
(57) رشيد خضير، دور الإذاعة المحلية وأهميتها في تنمية المجتمع المحلي: دراسة في الوسائل والأساليب، مجلة الدراسات والبحوث الاجتماعية، (جامعة الشهيد حمه لخضر-الوداي، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، الجزائر، العدد 15، مارس/آذار 2016)، ص 107-120.
(58) Fraser, Restrepo-Estrada, Community Radio Handbook, 7.
(59) منى سعيد الحديدي، الإعلام والمجتمع، (القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 2005)، ص 132.
(60) “تعريف ومعنى تاجر”، المعاني، (تاريخ الدخول: 1 أبريل/نيسان 2024)، https://rb.gy/04ixjn.
(61) Eileen Meehan, Ratings and the institutional approach: A third answer to the commodity question, Critical Studies in Mass Communication, Vol. 1, No. 2, (1984(: 216-225.
(62) Peter Fornatale, Joshua Mills, Radio in the television age, (New York: The Overlook Press, 1980), 259.
(63) Richard Legay, The Role of Commercial Radio Stations in the Media Vacuum of Mai 68 in Paris, Journal of European Television Mistry and culture, Vol .7, No. 12, (2018(: 1-11.
(64) أبو جلال، الإذاعة ودورها في الوعي الأمني، مرجع سابق، ص 201.
(65) “تعريف ومعنى تليفزيون”، المعاني، (تاريخ الدخول: 2 أبريل/نيسان 2024)، https://rb.gy/6rfs7s.
(66) عماد الهمالي، المعايير المهنية للقائمين بالاتصال في إنتاج برامج الحوار في الإذاعة المسموعة الليبية: دراسة ميدانية، (رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة المنصورة، 2017)، ص 66.
(67) صلاح الدين معاوي، الإذاعة 2020 بين الثبات والتأقلم، مجلة الإذاعات العربية، (اتحاد إذاعات الدول العربية، تونس، العدد 4، 2012)، ص 5.
(68) سماحة السويلم، الإعلام الرسمي في الأردن: دراسة تحليلية، (رسالة ماجستير، جامعة اليرموك، إربد، 2018)، ص 76.
(69) Eli Skogerbø, “Broadcasting: Regulation,” in International Encyclopedia of the Social and Behavioral Sciences, 2ed, (2015): 12.
(70) “تعريف ومعنى رقمي”، المعاني، (تاريخ الدخول: 2 أبريل/نيسان 20249)، https://rb.gy/t5z1un.
(71) نجلاء الهايج، الشباب المصري وعلاقته براديو الإنترنت: دراســة ميدانيــة، (رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة عين شمس، كلية البنات للآداب والعلوم والتربية، القاهرة، 2020)، ص 121.
(72) نجلاء الهايج وآخرون، “استخدام الشباب المصري للإذاعات الرقمية والإشباعات المتحققة منها: دراسة ميدانية”، مجلة البحث العلمي في الآداب (جامعة عين شمس، كلية البنات للآداب والعلوم والتربية، القاهرة، المجلد 1، العدد 17، 2016)، ص 437.
(73) عبد الصادق حسن عبد الصادق، “دوافع استخدام الشباب الجامعي في الجامعات البحرينية لإذاعات الإنترنت: دراسة ميدانية”، رؤى استراتيجية (مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، الإمارات، المجلد 1، العدد 4، 2013)، ص 115.
(74) “الراديو الرقمي، تقنية واعدة” الشرق الأوسط، 12 يونيو/حزيران 2012، (تاريخ الدخول: 2 أبريل/نيسان 2024)، https://rb.gy/mimrn7.
(75) حسن عماد مكاوي، البرامج الإذاعية والتليفزيونية، ط 2 (القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 2006)، ص 122.
(76) محمد الفهري شلبي، “مستقبل الإذاعة على شاشة الراديو”، مجلة الإذاعات العربية، (اتحاد إذاعات الدول العربية، تونس، العدد 2، 2009)، ص 72.
(77) سامية إبراهيم، وآخرون، “اعتماد المراهقين المصريين على إذاعات الإنترنت الشبابية وعلاقته بتدعيم حقهم في الاتصال”، مجلة دراسات الطفولة (جامعة عين شمس، كلية الدراسات العليا للطفولة، مصر، المجلد 21، العدد 81، ديسمبر/كانون الأول 2018)، ص 18.
(78) عبد الصادق حسن عبد الصادق، “اتجاه الشباب الجامعي نحو العلاقة بين التعرض لموقع الفيس بوك والهوية الثقافية: دراسة مقارنة بين مصر والبحرين”، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية (جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي، الكويت، العدد 146، 2012)، 195-228.
(79) المرجع السابق، ص 116.
(80) Stephen Lax et al., “DAB: The Future of Radio? The development of digital radio in four European countries,” Media, Culture and Society, Vol. 30, No. 2, (2008): 152.
(81) Susanna Karttunen, Using Social Media at Radio Station, (Helsinki Metropolia University of Applied Science, 2017), 2.
(82) Nikos Manouselis et al., Digital Audio Broadcasting Systems under a QoS Perspective,” Proceedings of the 4th WSEAS International Conference on Telecommunications and Informatics, (March 2005): 284-289.
* د. منال هلال المزاهرة، أستاذ مشارك بقسم الصحافة والإعلام الرقمي في جامعة البترا، الأردن.
Dr. Manal Hilal Al Mazahreh, Associate Professor of Journalism and Digital Media at University of Petra.